“العملات الرقمية”.. فرصة محفوفة بالمخاطر في ظل غياب الإطار التنظيمي

الثورة – وعد ديب:

شهدت السنوات الأخيرة في سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في تداول العملات الرقمية، إذ لجأ العديد من السوريين إلى هذا السوق كوسيلة للحفاظ على مدخراتهم أو تحقيق أرباح سريعة، في ظل تدهور قيمة الليرة وارتفاع معدلات البطالة، إلا أن هذه الظاهرة تطرح تحديات كبيرة بسبب غياب تنظيم رسمي وواضح، وخصوصاً أنها باتت متزايدة وسط أزمات اقتصادية وصعوبات مالية، وذلك حسب مهتمين بالشأن الاقتصادي.

مخاطرة بلا ضمانات

من يجوب في مختلف المدن السورية يجد محال تقدم خدمات تداول العملات الرقمية بشكل غير رسمي، وتعتمد على تطبيقات إلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي لجذب المتعاملين.

يعبر كثير من المواطنين ممن التقيناهم، عن قلقهم من عدم وجود رقابة أو ضمانات، فقد تواجههم خسائر مفاجئة أو توقف المحال عن العمل فجأة.

محمد عثمان- شاب من حلب، يقول: “أحياناً تبدو هذه المحال كفرصة جيدة، لكنها قد تختفي فجأة أو تتوقف عن الدفع، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة.”

تحويل العملات

حظرت القوانين السورية (خلال السنوات السابقة من حكم النظام البائد) التعامل بغير العملة السورية أصلاً، وبالتالي فإن طرح مثل هذا الموضوع لم يكن ممكناً حينها، حيث منع المرسومان التشريعيان رقم 5 و6 التعامل بغير الليرة السورية بالإضافة إلى منع نقل أو تحويل العملات الأجنبية خارج سوريا.

أما مصرف سوريا المركزي، وهيئة الأوراق والأسواق المالية، حذرا من هذه الأنشطة، ويؤكدان أن أي تداول بالعملات الرقمية غير قانوني ويعرض المتعاملين للمساءلة القانونية.

في هذا الصدد تقول مدير الدراسات والتوعية في هيئة الأوراق والأسواق المالية نيفين سعيد لـ”الثورة”: ليس هناك في سوريا إطار تشريعي ناظم لترخيص التداول بالعملات المشفرة أو الفوركس، ما يجعلها في منطقة غياب الإطار التنظيمي، وقد تُستخدم هذه الأسواق- في ظل عدم وجود رقابة عليها في أنشطة ذات مخاطر ومُجازفة عالية، مما يزيد مخاطر خسارة مدخرات المواطنين وتعرضهم لعمليات الاحتيال.

وفي ظل المستجدات الاقتصادية، فإن منع التداول بها هو نتاج عدم وجود إطار تشريعي تنظيمي، لاسيما أن الدخول في هذه الأنشطة محفوف بمخاطر قانونية هل يمكن تقنين العملات الرقمية مستقبلاً؟من جانبه يرى الخبير المصرفي، زياد وهبي أن تقنين تداول العملات الرقمية في سوريا ممكن مع الوقت، لكن ذلك يتطلب بناء إطار تنظيمي قانوني صارم وحماية المستثمرين.

ويقول وهبي: “التعامل بالعملات الرقمية قد يصبح جزءاً من النظام المالي في المستقبل إذا تم وضع ضوابط واضحة، من ترخيص ومراقبة وحملات توعية، لكن في الوضع الحالي، هو مقامرة خطيرة.”

لماذا يلجأ السوريون للعملات الرقمية؟

نور خازم- طالب جامعي يقول: “في ظل ندرة فرص العمل وغلاء المعيشة، العملات الرقمية أصبحت وسيلة لتحقيق دخل إضافي.

“أما سلمى، ربة منزل: “حاولت الاستثمار بها بحذر كطريقة لحماية مدخراتي من التضخم، لكني أخشى المخاطر.”

خالد، عامل حر: قال أيضاً “الكثير من الشباب العاطلين أو المغتربين يتعاملون بهذه العملات بسبب سهولة الوصول إليها وتحويل الأموال.”

تداعيات اقتصادية

وبالعودة للخبير وهبي، ينوه بأن استمرار تداول العملات الرقمية بدون تنظيم يؤثر سلباً على استقرار الاقتصاد السوري، وذلك بسبب هروب رؤوس الأموال خارج النظام الرسمي، وزيادة مخاطر غسيل الأموال وتمويل أنشطة غير قانونية، وكذلك تعريض الأفراد لخسائر مالية جسيمة.

ويشدد الخبير المالي والمصرفي على ضرورة العمل من خلال إصدار تشريعات واضحة لتنظيم السوق، وترخيص شركات التداول ومراقبة نشاطاتها، وكذلك إطلاق حملات توعية لتثقيف المواطنين بمخاطر هذه العملات.

وبرأي الخبير المالي، تشكل العملات الرقمية في سوريا فرصة مالية معقدة، يعتمد نجاحها أو فشلها على وجود تنظيم وقوانين واضحة، وفي ظل غياب هذه الأطر، يبقى التداول بها مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى خسائر جسيمة.

ويختتم حديثه قائلاً: “إما أن نواجه الواقع بحزم من خلال تنظيم السوق بشفافية، أو نترك الباب مفتوحاً للفوضى والاحتيال.”

ويمكن القول: إنه بين الفرصة والتهديد.. العملات الرقمية ليست شرّاً مطلقاً، لكنها ليست طوق نجاة أيضاً.

آخر الأخبار
سيدات أعمال "تجارة دمشق" تقدمن خطة لدعم المشروعات والتعليم "أنصفونا".. وقفة احتجاجية أمام القصر العدلي في حلب للمطالبة بعودة المفصولين العمل على  ترميم أكثر من 60 ألف هيكل مدرسي سوريا: التعاون العربي في مجالات الأحوال المدنية والجوازات   المكتب القنصلي في درعا ينحز أكثر من ألف معاملة يومياً مدونة سلوك إلزامية.. استعادة الأخلاقيات المهنية إلى الوظيفة العامة شراكات سعودية تركية مع سوريا تدفع التوسع بمشروعات الطاقة المتجددة غياب الوعي وتجاهل معايير السلامة.. كارثة تهدد أرواح العاملين  باحثان سياسيان: نسب بعض القوى الخارجية انتصار السوريين لنفسها تزوير للتاريخ علي التيناوي: انتصار الثورة ليس هدية من الخارج بل ثمرة تضحيات السوريين الحل عند دوائر الامتحانات.. لا بيانات في رابط المفاضلة عودة الورقة والقلم.. امتحانات الثانوية بين القلق والآمال مضر الأسعد: الثورة السورية انتصرت بتضحيات أبنائها "هندسة الذكاء الاصطناعي".. تخصص المستقبل في "السورية الخاصة" "العملات الرقمية".. فرصة محفوفة بالمخاطر في ظل غياب الإطار التنظيمي جدلٌ في القطاع الصناعي.. تسهيل الاستثمار أم حماية البيئة؟ دعم التصنيع الغذائي ضرورة استراتيجية الأمن الغذائي في سوريا ليس بخطر تحسين الخدمات وتقلص المساحات الخضراء.. حدائق دمشق تحت مجهر الاستثمار حلب تجمع الفعاليات الطبية وتوحد البوصلة الإنسانية في العمل