سوريا.. بين الشيطنة والمدينة الفاضلة والتأثير على دوائر صنع القرار

الثورة – حسان كنجو:

تحول قرار العودة إلى سوريا، بالنسبة للمغتربين واللاجئين خارج البلاد، إلى قضية تعادل في الوزن والأهمية تلك القضايا التي تتم مناقشتها في مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، كيف لا، وهي بالنسبة لهذه العائلة الصغيرة أو تلك، قضية تقرير مصير، تاهت وجهته أو اختفت ملامحه، خلف ضباب صفحات منصات التواصل الاجتماعي، التي تارةً تصوّر سوريا على أنها جنّة الخلد، وتارةً تصورها على أنها بقعة من جهنم؟!.

لقد أثّرت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير على دوائر صنع القرار الأسري، وخاصة بعد ما شهدته البلاد من أحداث بعد التحرير، تلك الأحداث التي بدأت في الساحل وما زالت في السويداء، أثرت بشكل أو بآخر على قرار العودة لدى كثير من السوريين، ولاسيما أنها ترافقت مع حملة إعلامية لأزلام النظام البائد، تلك الحملة التي سعت جاهدة لإثبات أن سوريا عبارة عن “غابة وميدان حرب، القوي فيه يفترس الضعيف”.

السوشيال ميديا

في تركيا مثلاً، حيث تتواجد نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين، نجد أن الاندفاع الكبير للعودة إلى سوريا إبان التحرير انخفض جداً، لقد تحول الوضع بشأن العودة الآن إلى “مبهم”، وغير واضح المعالم والملامح، فأغلبية السوريين هناك، باستثناء فئة قليلة منهم، في حيرة من أمرهم، والجواب الوسطي “ما بين البينين”، هو سيد الموقف، في كل حديث أو سؤال يتمحور حول العودة أو قابلية العودة إلى سوريا.

تخيل أن ترى رجلاً، كان قبل شهر قد عرض أثاث منزله للبيع تمهيداً للعودة، يتحدث عن مخاوف لا تنتهي من هذه الخطوة، مستشهداً بفيديوهات أو أخبار رآها على هذه الصفحة أو تلك، تلك الأخبار زورت في الغالب واقعاً يتحدث عن قتل وخطف وحرب دامية لا تنتهي، وفي أحسن الأحوال صوّر سوريا على أنها بلد منهار، لا خدمات فيه ولا عمل ولا كسب لقوت اليوم.

“أنا هنا من 13 عاماً، والانتقال إلى حياة جديدة خطوة صعبة للغاية، وليس بالأمر السهل، فما بالك إن كان الانتقال إلى سوريا، ما أراه كل يوم على وسائل التواصل يجعلني قلقاً حيال هذه الخطوة”، يقول ماجد الحسين لـ “الثورة”، معتبراً أنه من المبكر الحديث عن العودة، وأن سوريا ما زالت غير مستقرة في الوقت الراهن، وبحاجة لفترة أخرى ريثما تعود الأمور إلى مجراها، وفق تعبيره.

ليس وردياً

بكل تأكيد ليس الواقع وردياً ومثالياً، كما أنه ليس بذلك السوء الذي يحاول البعض تصويره، يمكن لمن يعيش في الداخل السوري اليوم التمييز بين سوريتين، الأولى يعيشها في الواقع، فيما يسمع عن الأخرى على وسائل التواصل الاجتماعي من أشخاص، أغلبيتهم يعيشون خارج البلاد، فيشعر بالرعب ويصاب بالإحباط والخوف، حتى يجرب بنفسه ويتنقل ليشاهد مدى الفرق الشاسع بينهما.

هذه الأسطر، هي جزء من مقال سابق كتبه رئيس تحرير صحيفة الثورة نور الدين الإسماعيل، وتناول فيه ظاهرة (سوريا العالقة بين الواقع ومنصات التواصل الاجتماعي)، فالواقع اليوم لا ما نقرأه على منصات التواصل، بل ما نعيشه في كل يوم على أرض بلاد خرجت من تحت حكم العصابة منهكة مدمّرة متعبة، نعم الواقع بمره وحلوه بعيدٌ كل البعد عن صفحات الفيسبوك، التي تنتهج أغلبيتها أسلوب المبالغة في التجميل والتشويه على حد سواء، فالحدائق اليوم بأغلبيتها لا تحتوي على زهور حمراء وصفراء، لكنها في الوقت نفسه تعجّ بالمدنيين حتى ساعات متأخرة من الليل، من دون أن يقتلهم أو يخطفهم أو يعتقلهم أحد، سوريا الآن ليست مدينة فاضلة، لكنها لا تستحق هذا الكم من الشيطنة.

“اعتبرت بداية رحلتي مجازفة نحو المجهول، لكن ما اكتشفته أن الوضع في سوريا تحسّن إلى حد كبير، ها قد مر على عودتي شهر ونصف، والوضع يعتبر جيداً”، يقول إبراهيم حاج طه، العائد من تركيا لـ”الثورة”، مشيراً إلى أن سوريا بلد متعب ومنهك ويعاني من آلاف المشكلات والمعضلات، ولكن الأهم في الأمر هو أساسيات الحياة كالأمان والقدرة على تأمين المعيشة ولو بأدنى الحدود.

وتابع: خمسون عاماً ونحن نتراجع إلى الخلف- من وجهة نظري، فلا بأس خلال 10 سنوات نتقدم فيها للأمام، من أجل أن نلاحظ فارقاً على صعيد البلاد” وفق تعبيره.

كيف يُحسم القرار

حسم قرار العودة، لا يلزمه سوى تصوّرٍ حقيقي فقط، حقيقي بكامل جوانبه السلبية والإيجابية مهما كان هذا التصور بسيطاً، استقاء صورة الوضع داخل سوريا من أقارب أو أصدقاء على أرض الواقع، هو خطوة مثالية قد تساعد على إنهاء دائرة الحيرة، وقد تشكّل دافعاً للعودة والاستقرار في تلك البقعة من الأرض التي تُدعى سوريا.

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب