عودة الورقة والقلم.. امتحانات الثانوية بين القلق والآمال

الثورة – لينا شلهوب:

منذ سنوات، باتت امتحانات الشهادة الثانوية العامة محطّ أنظار المجتمع، باعتبارها البوابة الأساسية لمستقبل آلاف الطلاب، وأي تغيير في آلية الامتحانات لا يقتصر أثره على العملية التعليمية فحسب، بل يمتد ليطول الأسر، والمعلمين، وحتى الرأي العام بأكمله.

وفي خطوة مفصلية، أعلنت وزارة التربية والتعليم إلغاء العمل بنظام الاختبارات المؤتمتة الذي اعتمد في السنوات الأخيرة، واستبداله بنظام متكامل يجمع بين الأسئلة المقالية والموضوعية، بهدف تعزيز مهارات التفكير النقدي والتحليلي لدى الطلاب، فيما أثار القرار تبايناً في ردود الأفعال ما بين مؤيد وقلق، ليطرح تساؤلات واسعة حول جدواه ونتائجه المرتقبة.

بحسب ما ورد في بيان الوزارة، فإن النظام الجديد يقوم على صيغة متوازنة من الأسئلة، تجمع بين الاختيار من متعدد والأسئلة المقالية التي تقيس قدرة الطالب على التحليل والاستنتاج وتنظيم الأفكار، وجاء هذا التحول بعد انتقادات طالت النظام المؤتمت الذي اعتبره البعض اختبار ذاكرة قصيرة، وهذا لا يقيس القدرات الحقيقية للطلاب، فيما كان آخرون يرونه أداة لتحقيق العدالة وسرعة التصحيح.

بين الارتياح والقلق

تباينت آراء الطلاب حول القرار، إذ بينت رهف الحمد- طالبة علمي- أنها شعرت بالراحة لأن النظام الجديد سيعطيها فرصة للتعبير عن أفكارها بدل الاكتفاء بتظليل دائرة، لكنها في الوقت نفسه قلقة من عامل الوقت، ومن صعوبة تصحيح الأسئلة المقالية بعدالة كاملة.

أما ليث الحمود- طالب أدبي- فأبدى ارتياحه قائلاً: لطالما شعرت أن الامتحان المؤتمت لا ينصفنا، كون بعض الأسئلة كانت تركّز على تفاصيل جزئية، فيما الآن يمكننا إبراز فهمنا للمادة.

في المقابل، ترى مرح الصائغ- طالبة علمي- أن التغيير المفاجئ قد يربك الطلاب، لافتة إلى أنهم اعتادوا لسنوات على شكل معين من الامتحانات، والتحول المفاجئ قد يضاعف الضغط النفسي، خاصة أن مصير الطلاب يتوقف على هذه الشهادة.

فيما يرى عدد من المختصين في المجال التربوي ومنهم نهى أحمد وعلاء القطان أن من إيجابيات القرار أنه منح الطالب مساحة أوسع للتعبير عن فهمه للمادة، مع تعزيز مهارات التفكير النقدي والاستنتاج بدلاً من الحفظ الآلي، كذلك فإن هذا الإجراء يسهم بتقليل ظاهرة الاعتماد على الحظ التي كانت مرتبطة بالامتحانات المؤتمتة.

لكن عدداً من المختصين التربويين سمية الدليقان، ونغم أرشيد، يؤكدن أن جملة من التحديات المحتملة ربما تواجه الطلبة، منها: زيادة الضغط النفسي بسبب الخوف من التقدير الذاتي للمصححين، واحتمالية تفاوت الدرجات نتيجة للاختلاف في تقييم الإجابات المقالية، إضافة إلى الحاجة لوقت أطول في الدراسة والتدريب على كتابة الأجوبة التحليلية.

سيف ذو حدين

بدورهم أشار مجموعة من الأساتذة، سامر أبو أحمد، وفارس أبو عراج، إلى أن القرار يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، فضلاً عن أن الامتحان لا ينبغي أن يكون أداة لتصفية الطلاب، بل وسيلة لقياس قدراتهم الحقيقية، منوهين بأن النظام الجديد إذا طبق بعناية، سيعيد للتعليم قيمته المعرفية ويحد من ظاهرة الدروس الخصوصية التي ارتبطت بالحفظ فقط.

أما الخبيرة النفسية سمر عبد الله، فتؤكد ضرورة مرافقة القرار بخطط دعم نفسي وتوجيهي للطلاب، لأن أي تغيير جذري يولد توتراً، لذا يجب تدريب الطلاب مسبقاً عبر نماذج تجريبية، وإعداد المصححين بشكل احترافي لتقليل نسب الخطأ والظلم.

في حين يحذر الأستاذ مازن أبو فخر- معلم مادة اللغة الفرنسية، من أن القرار قد يكون سيفاً ذا حدين، إن لم يرفق بإصلاحات شاملة في المناهج وأساليب التدريس، فستظل الفجوة بين المدرسة والامتحان قائمة.

وتبين المعلمة هبا الهنو، أنه بين التفاؤل الحذر والقلق المشروع، يقف الطلاب على أعتاب مرحلة جديدة من الامتحانات، فالنظام الجديد قد يشكّل بالفعل خطوة إصلاحية ترفع مستوى التعليم وتمنح الطلاب فرصة حقيقية لإظهار إمكاناتهم، لكنه في الوقت ذاته يفرض تحديات تتطلب استعداداً مؤسسياً شاملاً، ويبقى السؤال المطروح: هل سينجح هذا التغيير في رسم صورة أكثر عدلاً وفعالية لامتحانات الشهادة الثانوية، أم سيفتح الباب أمام جدل جديد حول مستقبل التعليم؟

آخر الأخبار
"أنصفونا".. وقفة احتجاجية أمام القصر العدلي في حلب للمطالبة بعودة المفصولين العمل على  ترميم أكثر من 60 ألف هيكل مدرسي سوريا: التعاون العربي في مجالات الأحوال المدنية والجوازات   المكتب القنصلي في درعا ينحز أكثر من ألف معاملة يومياً مدونة سلوك إلزامية.. استعادة الأخلاقيات المهنية إلى الوظيفة العامة شراكات سعودية تركية مع سوريا تدفع التوسع بمشروعات الطاقة المتجددة غياب الوعي وتجاهل معايير السلامة.. كارثة تهدد أرواح العاملين  باحثان سياسيان: نسب بعض القوى الخارجية انتصار السوريين لنفسها تزوير للتاريخ علي التيناوي: انتصار الثورة ليس هدية من الخارج بل ثمرة تضحيات السوريين الحل عند دوائر الامتحانات.. لا بيانات في رابط المفاضلة عودة الورقة والقلم.. امتحانات الثانوية بين القلق والآمال مضر الأسعد: الثورة السورية انتصرت بتضحيات أبنائها "هندسة الذكاء الاصطناعي".. تخصص المستقبل في "السورية الخاصة" "العملات الرقمية".. فرصة محفوفة بالمخاطر في ظل غياب الإطار التنظيمي جدلٌ في القطاع الصناعي.. تسهيل الاستثمار أم حماية البيئة؟ دعم التصنيع الغذائي ضرورة استراتيجية الأمن الغذائي في سوريا ليس بخطر تحسين الخدمات وتقلص المساحات الخضراء.. حدائق دمشق تحت مجهر الاستثمار حلب تجمع الفعاليات الطبية وتوحد البوصلة الإنسانية في العمل ارتفاع أجور النقل بين حمص وريفها يؤرق المواطنين