الثورة- علي إسماعيل:
تكثر محاولات تعويم الباطل وطمس الحقيقة وتزييف التاريخ، إلا أن الذاكرة الوطنية السورية عصيّة على التلاعب والاختزال، فالنصر الذي يعيشه السوريون اليوم لم يكن بمحض الصدفة، ولا نتيجة لصفقات دولية خلف الجدران، بل هو حصيلة تضحيات عظيمة قدّمها أبناء هذا الشعب على امتداد أكثر من عقد من الزمن.
وفي هذا السياق، يقدّم المحلل السياسي علي إبراهيم التيناوي قراءة واقعية، مؤكداً أن السردية الثورية لا يجوز التفريط بها أو السماح بسرقتها من قِبل أطراف خارجية، بل يجب أن تُروى كما هي.
التيناوي يؤكد أن همّه الأول هو أن تُروى الحقيقة كما حدثت، بلا تزوير ولا تجميل، فالنصر الذي يحتفل به السوريون اليوم هو ثمرة سواعد أبناء سوريا، برجالها ونسائها، شبابها وكهولها الذين دفعوا ومازالوا يدفعون الغالي والنفيس في سبيل كرامتهم وحرية وطنهم، فهذا الانتصار لم يكن هدية من قوى خارجية، ولا نتيجة لمخططات إقليمية أو دولية كما تحاول بعض الجهات المعادية الترويج له، بل هو حصاد لتضحيات امتدت لسنوات من جبهات، ومقارعة، وصمود في المدن والأرياف، وتضحيات لا يمكن حصرها خلف المنازل وفي المخيمات التي تشهد على هذا النصر، وخلف كل ذلك توفيق من الله سبحانه وتعالى.
ويشير التيناوي إلى أن محاولات بعض الأطراف عبر وسائل إعلام تمتهن التضليل ومعروفة المصدر، أن تنسب النصر لدول بعينها، ليست إلا محاولات لسرقة السردية الثورية وتبييض حساباتها السياسية، والجميع يعلم أن بداية الثورة شهدت تفاوتاً في مواقف الدول، فبعضها كان معادياً، وبعضها محايداً، وبعضها انتهز الفرص، وأيضاً هناك من وقف إلى جانب الثورة السورية والشعب السوري، بغض النظر عن مصالحه المباشرة، ويضيف: إن بعض الدول احتوت وساعدت السوريين على حساب مصالحها الجيوسياسية على مدى أربعة عشر عاماً، ولا يمكن إنكار ذلك، لكن أن يُقال إن نصر الثورة تحقق بفضل قوى خارجية، فهو إنكار لتضحيات مئات الآلاف من الذين حملوا راية الوطن بصدق وإيمان.
وقال التيناوي: نحن كجيلٍ شارك أو شهد أو عاش ألم هذا المسار، علينا أن نحمي الذاكرة الوطنية، فالتاريخ لا يُعاد كتابته باسم مآرب سياسية أو مكاسب دعائية، وعلينا ألّا نسمح لأحد أن يصعد على رماد تضحيات الثوار، منوهاً بضرورة كتابة المشهد الثوري للشعب السوري، ليُظهر كيف انطلقت الثورة، وكيف ناضلت وضحّت وصبرت على مدى أكثر من عقد، وكيف انتصرت على نظام القمع، فثورة العزّة والكرامة كما يؤكد حققت النصر بسواعد أبنائها على كل المستويات، من الميدان العسكري إلى الميدان السياسي.
ويختتم التيناوي حديثه بأن تعزيز السردية الثورية ليس مجرد واجب رمزي، بل هو حماية لكرامتنا وهويتنا، يجب أن تُوثّق الوقائع، وتُروى الشهادات، وتُخلّد تضحيات الشهداء بصوت عالٍ وواضح، فإذا لم يروِ السوريون أنفسهم القصة، سيحاول غيرهم أن ينسجها وفق مصالحه، ولذلك يشدد التيناوي على أن المسؤولية الوطنية تحتم علينا أن نكتب التاريخ كما كان، وأن نظل الحارس الأمين على حقائق نضال الشعب السوري، فهو من صنعه، وهو من سيحميه.