الثورة – جهاد اصطيف:
شهدت مدينة حلب اليوم وقفة احتجاجية نُظمت أمام القصر العدلي، شارك فيها عدد من الموظفين المفصولين من أعمالهم خلال فترات سابقة.
المحتجون رفعوا شعارات، تشير بشكل واضح إلى أن سنوات المعاناة والانتظار لم تترك أمامهم خياراً سوى اللجوء إلى الاحتجاج لعرض قضيتهم، رغم أنهم تقدموا ببياناتهم وأوراقهم المطلوبة، إلا أن مطلبهم الأساس العودة السريعة لعملهم.
خلفية عن القضية
قضية المفصولين من وظائفهم ليست جديدة في سوريا، فقد بدأت منذ سنوات، وتحديداً في زمن النظام البائد، إذ صدرت قرارات فصل شملت آلاف الموظفين من مختلف القطاعات، لأسباب إدارية أو سياسية أو حتى لأسباب لم تعلن بوضوح.
ومع تغير الأوضاع السياسية والإدارية في البلاد، ظلت هذه القضية عالقة حتى الآن، ريثما يتم البت في الأمر، وعلى ما يبدو رغم الوعود المتكررة من الحكومة بإيجاد مخرج منصف، إلا أن مرور الوقت من دون حل يبقي آلاف الأسر معلقة بين الأمل واليأس، ومحرومة من أبسط حقوقها المتمثلة في الراتب، التقاعد، والاستقرار الوظيفي.
تفاصيل وشعارات
في ساحة القصر العدلي بحلب، اصطفّ المحتجون، وتنوعت الهتافات، لكن ما جمعها كان الإيمان بحق لا يسقط بالتقادم.. المطالب كانت واضحة ومحددة، بالعودة الفورية إلى الوظائف من دون أي شروط أو قيود، والتعويض الكامل عن سنوات الحرمان من الرواتب والحقوق التقاعدية، واحتساب سنوات الفصل ضمن مدة الخدمة الفعلية لضمان الاستقرار التقاعدي والوظيفي، وصرف الفروقات المالية المستحقة عن السنوات الماضية، ووقف أي شكل من أشكال التمييز أو المماطلة في معالجة القضية.
شهادات المحتجين
أحد المشاركين، موظف سابق في وزارة العدل، قال: أمضيت أكثر من 15 عاماً في أروقة القصر، ثم وجدت نفسي فجأة خارج السرب بلا راتب ولا حقوق، اليوم أطالب فقط بما هو حق لي، لا أكثر ولا أقل.
فيما أضاف أحد الموظفين المفصولين: الأمر لا يتعلق بي وحدي، بل بأولادي الذين حرموا من التعليم اللائق والرعاية الصحية بسبب غياب مصدر الدخل، نحن نطالب بالإنصاف لا بالصدقة.
شهادات أخرى ربطت القضية بالمكانة الإنسانية، إذ شدد أحد المشاركين على أن العمل ليس مجرد مصدر دخل، بل هو قيمة اجتماعية ونفسية، وفقدانه بهذه الطريقة يترك ندوباً عميقة في حياتنا.
رد السلطات وغياب الموقف
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي بيان رسمي من الجهات المعنية تعليقاً على مطالب المحتجين.
مصدر قانوني– فضل عدم الكشف عن اسمه – أشار إلى أن معالجة هذه القضايا، تحتاج إلى قرارات تشريعية وإدارية ، مؤكداً في الوقت ذاته أن الضغط الشعبي قد يسهم في تسريع الحلول.
من الناحية القانونية، يرى خبراء أن المطالب المطروحة مشروعة، إذ ينص قانون العمل السوري على حق الموظف في استعادة وظيفته إذا كان الفصل تعسفياً، بالإضافة إلى التعويض عن الأضرار الناتجة، لكن الإشكال يكمن في حجم الملفات وتعدد الحالات، ما يجعل الحلول الفردية صعبة، ويستدعي مقاربة جماعية على مستوى الدولة.
اجتماعياً، يمكن أن يؤثر هذا الملف على حياة آلاف الأسر، إذ يحرم الكثير من المفصولين من فرص حياة كريمة، كما يؤدي غياب الرواتب التقاعدية إلى أزمات معيشية خانقة للفئات الأكبر سناً.
المحتجون أكدوا أن وقفتهم ليست الأخيرة، وأنهم سيواصلون تحركاتهم السلمية إلى حين الاستجابة لمطالبهم، أحدهم قال: نحن نعرف أن الطريق طويل، لكننا مصممون على الاستمرار، لأننا لا نملك خياراً آخر.
وقفة حلب لم تكن مجرد احتجاج عابر، بل رسالة مفادها أن قضية المفصولين لم تطوَ بعد، هي قضية حقوق وعدالة، تتقاطع فيها الأبعاد القانونية مع الاجتماعية والاقتصادية،
ويبقى السؤال: هل تلقى هذه الصرخة آذاناً مصغية؟.
تصوير- صهيب عمرايا