الثورة – فؤاد مسعد:
تجري الاستعدادات حالياً تجهيزاً لتقديم العرض المسرحي “حوار مهمل” ضمن فعاليات مهرجان السلام في حمص الذي يُقام بين 15 و25 من الشهر الحالي، والعرض من إخراج عمر تمام العواني، تأليف موفق قره حسن، تمثيل: وليد الدغيم، ولوسين شحود، وإنتاج مديرية الثقافة في حمص.
عن خصوصية العرض تحدث المخرج عمر العواني لـ”الثورة” قائلاً: تنبع الخصوصية من كونها تنتمي إلى عالم “مسرح العبث”، لكنها في الوقت نفسه تتمرّد على بعض قواعده، فنحن هنا أمام نص يبدو في ظاهره بسيطاً “رجل وامرأة يتحدثان”، لكن خلف هذا الحوار اليومي البسيط تتكشف طبقات من المعنى تتعلق بالعزلة، والرغبة، وفقدان التواصل الحقيقي بين البشر. ويتابع: “في عروض مسرح العبث الكلاسيكية، غالباً ما نرى الشخصيات غارقة في اللا جدوى، تائهة في دائرة لا تنتهي من الأسئلة والفراغ، لكن في (حوار مهمل) ثمة مفارقة جميلة، فالشخصيتان تعرفان تماماً ما تريدانه، إنهما تبحثان عن حب ودفء إنساني بسيط يرمم هذا الخراب المحيط، وهنا تكمن فرادة النص، في أنه لا يغرق في العبث من أجل العبث، بل يستخدم العبث كمرآة لواقع يمكن أن نلمسه نحن أيضاً في حياتنا اليومية، في صمتنا الطويل، في جملنا المبتورة، في محاولتنا الدائمة لفهم الآخر”.
ويشير إلى أن النهاية أيضاً تكسر القاعدة، إذ نجد أنفسنا أمام خاتمة فيها معنى وقرار، إذ وجد الرجل والمرأة ما يبحثان عنه وغادرا، وكأن المسرحية تقول لنا: إن المعنى لا يختفي، بل علينا فقط أن نصغي جيداً بين سطور الصمت، ويقول: “حوار مهمل” ليس مجرد عمل تجريدي، بل تجربة وجودية حساسة، تضعنا أمام سؤال بسيط ومؤلم في آن واحد.. كم من الحوارات التي لم نقلها، كم من المشاعر التي مرّت ولم تجد من يسمعها؟.
حول إن كان هذا الخيار هو الأصعب، يجيب العواني: “هو أصعب وأجمل في آن واحد، فوجود ممثلين فقط يعني أن كل تفصيل وحركة، وكل سكون محسوب بدقة، فليس هناك مجال للاختباء، لكنه أيضاً يمنح حميمية وقوة كبيرة للتجربة، لأن العلاقة بين الاثنين تصبح مركز الكون المسرحي، ومن خلالها يُبنى التوتر الدرامي كله. وينتهي للإشارة إلى أنه يتعامل مع الممثلين كشركاء حقيقيين، “نعمل معاً على تفكيك النص وإعادة صياغته على الخشبة عبر التجربة والبروفات، وأترك مساحة كبيرة للممثل ليقترح ويغامر”. يؤدي شخصيات العرض ممثلان فقط، كما في مسرحيته السابقة “حدث في التاسعة”.