الثورة – مها دياب:
في ظل التوجه الوطني نحو الرقمنة، تتقدم مجموعة من المشاريع التقنية بخطا ثابتة نحو تطوير قطاع النقل والخدمات المرتبطة به، هذه المبادرات تعبر عن طموحات رقمية واعدة، وتواجه في الوقت ذاته تحديات بنيوية ومجتمعية تتطلب حلولاً عملية وتعاوناً واسعاً بين الجهات المعنية.
في هذا السياق نسلط الضوء على أبرز الأفكار والتحديات والفرص، ونقدم مقترحات عملية على لسان أصحاب المشاريع أنفسهم، بما يعكس فهمهم العميق للسوق السوري واحتياجاته.
منظومة الشحن
قدم محمد شرابة مشروع “أودينيكس” بوصفه منظومة تشغيل ومحاسبة تربط المكتب بالمستودع وتتيح تتبع الطرود لحظياً، بهدف تحسين تجربة العميل عبر تقديم معلومات دقيقة عن الرحلة.
وأوضح أن المشروع يواجه تحديات تتعلق بضعف البنية التحتية، وحظر بعض المواقع، وانقطاعات الإنترنت، ما يعوق الأداء الكامل للمنظومة ويحدّ من توسّعها، مشيراً إلى أن الحل لا يكمن فقط في تطوير التقنية، بل في بناء جسور ثقة مع المستخدمين، واقترح إنتاج محتوى توضيحي مبسط يشرح كيف يمكن للمواطن أن يستفيد من تتبّع شحنته، ومعرفة موقعها بدقة، وتجنب الأخطاء في التسليم. كما دعا إلى التعاون مع شركات الشحن المحلية لتجريب النظام في نطاق محدود، ثم التوسع تدريجياً بناءً على النتائج.
عرض كمال السابق، مشروعه الخاص بنظام النقل الذكي، الذي يهدف إلى تحصيل أجور النقل العام عبر تطبيق أو بطاقة ذكية، ويتكامل مع البنوك ونظام National Switch System لتوفير وسيلة دفع آمنة.
وأشار إلى أن التحدي الأكبر يتمثل في إقناع المواطنين بالتحول من الدفع النقدي إلى الرقمي، رغم وجود بنية تشفير قوية تضمن الحماية.
وأوضح السابق أن المواطن السوري لا يرفض التقنية، بل يحتاج إلى رؤية فائدتها في حياته اليومية، واقترح إطلاق حملة تجريبية في مدينة واحدة، بالتعاون مع شركة نقل محلية، يتم فيها تقديم حوافز للركاب الذين يستخدمون الدفع الرقمي، مثل تخفيض الأجرة أو الدخول في سحب شهري.
وقدم محمد عوده، تطبيق مفتاحك، وهو منصة رقمية لبيع وشراء السيارات عبر المعارض والأفراد، تتيح التواصل المباشر بين البائع والمشتري، وتوفر بيانات تفصيلية عن السيارات.
وأشار إلى أن المشروع يعمل على تعزيز الأمان عبر التحقق من خلفية المستخدمين، ويخطّط للتعاون مع شركات التأمين لتوسيع الموثوقية وتقديم خدمات مكمّلة.
وأوضح عوده أن السوق السوري بحاجة إلى أدوات رقمية تسهل المعاملات وتقلل من حالات الاحتيال، واقترح ربط التطبيق بمنصة حكومية للتحقّق من ملكية السيارة، وتوفير خدمة تقييم أولي لحالة المركبة.
تحديات رقمية
رغم جودة الحلول التقنية، أجمعت المشاريع الثلاثة على وجود تحديات مشتركة، أبرزها ضعف التقبل المجتمعي للتحول الرقمي، خاصة في المعاملات المالية والتجارية. كما أن ضعف الانترنت، وغياب منظومة أمن سيبراني فعالة، وصعوبة الوصول إلى المناطق الريفية، كلها عوامل تعوق الانتشار وتحد من التفاعل مع التطبيقات.
فرص داعمة
كما رأى المتحدثون أن وجود شركات سورية في الخارج، وعودة جيل شاب يحمل تجارب رقمية متقدمة، يفتحان الباب أمام نقل المعرفة وتوطينها، كما أن الرغبة الحكومية في التحول الرقمي، وفتح المجال أمام حلول التكنولوجيا المالية، توفر بيئة تشريعية وتنظيمية مشجعة.
وأشاروا إلى أن التعاون بين التطبيقات المحلية وشركات التأمين والبنوك يمكن أن يعزز الثقة ويوسع قاعدة المستخدمين، خاصة إذا تم تقديم خدمات مكملة مثل التمويل أو الضمانات أو التحقق من الهوية.