الثورة – عبير علي:
تستحضر لوحة النحت “أمواج الخلود” رحلة الحضارة السورية عبر الزمن حيث تتعانق ملامح الإنسان مع رموز الأسطورة ليبقى الماء والحجر شاهدين على ذاكرة لا تنطفئ.
وللحديث عن هذا العمل التقت صحيفة “الثورة” الفنان التشكيلي والنحات عماد الدين كسحوت الذي قال: يشكّل العمل النحتي “أمواج الخلود” 200/150سم رحلة تأملية عميقة في جوهر الحضارة السورية، حيث يلتقي الإنسان بالتاريخ والطبيعة في حوارٍ بصري يتجاوز الزمن، من خلال التكوين الرمزي الذي يجمع بين وجه الإنسان والموج والسفينة لتكون قراءة فلسفية لمسار الوجود الإنساني، بوصفه استمراراً لتلك الحضارات التي تركت بصمتها في ذاكرة الحجر والماء. لافتاً الى أن السفينة تغدو هنا رمزاً للعبور بين العصور، محمّلة بإرثٍ ثقافي تتجاور فيه نقوش الفينيقيين والأوغاريتيين والآشوريين والسومريين، وكأنها تحمل ذاكرة الشرق بكاملها، أما الوجه الإنساني المندمج بالموج، فيجسّد فكرة الخلود والانبعاث، إذ يتماهى الإنسان مع الطبيعة ليصير جزءاً من حركة الكون المستمرة، وفي المقابل تُشكّل الدائرة المشبعة بالمشاهد الأسطورية استعارة لدورة الزمن وصراع القوى الخالدة بين النور والظلام، الحياة والموت، البداية والنهاية.
وعن اختياره لموقع العمل قال كسحوت: اختيار موقع العمل في مستشفى للعيون منحه بعداً رمزياً إضافياً، إذ يتحوّل النحت إلى “عين ثالثة” ترى جوهر الأشياء لا مظاهرها، وتدعو المتلقي إلى اكتشاف البعد الروحي في التاريخ السوري، وهكذا تصبح “أمواج الخلود” أكثر من مجرد عمل نحتي، إنها تجسيد بصري لفلسفة الذاكرة والهوية، واحتفاء بقدرة الفن على ربط الإنسان بجذوره، وعلى تحويل الحجر إلى شاهدٍ حيّ على مسيرة الخلود.
النحات عماد الدين كسحوت، مدير الفنون الجميلة بين عامي “2013 – 2022″، من مؤسسي معهد الفنون التطبيقية، المفوض الرسمي للجناح السوري في بينالي فينيسيا لعدة أعوام، نظم عدة ملتقيات للنحت والتصوير ومعارض لفنانين داخل سوريا وخارجها، شارك في معارض فنية وملتقيات للنحت في سوريا وإسبانيا وألمانيا، صمم ونفذ منحوتات للجناح السوري في إكسبو 2000 في هانوفر “ألمانيا”، رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين فرع دمشق.