الثورة – سومر الحنيش:
تأهل منتخبنا الوطني للرجال بكرة القدم رسمياً إلى نهائيات كأس آسيا 2027 في السعودية، بعدما حقق فوزاً مستحقاً على مستضيفه منتخب ميانمار بثلاثة أهداف نظيفة في المباراة التي أقيمت أمس في العاصمة يانغون، ضمن إياب الجولة الرابعة من التصفيات الآسيوية لحساب المجموعة الخامسة.
سجل أهداف منتخبنا بابلو صباغ هدفين في الدقيقتين 80 و85، ومحمد الصلخدي الدقيقة 88، في لقاء بدا شاقاً أكثر مما كان متوقعاً، إذ غاب الحضور الفعال في الشوط الأول، قبل أن تنقلب المعادلة في الدقائق العشر الأخيرة.
بهذا الفوز، عزز منتخبنا صدارته للمجموعة الخامسة بالعلامة الكاملة (12 نقطة من أربعة انتصارات)، ليضمن التأهل المبكر إلى النهائيات قبل جولتين من ختام التصفيات.
أداء باهت..
لم يكن الأداء في الشوط الأول مقنعاً، وخصوصاً مع الخيارات التي بدأ بها “خوسيه لانا” المباراة، والتي فاجأت الجميع، إذ بدا المنتخب متراجعاً بلا مبرر، وترك المجال أمام أصحاب الأرض للسيطرة والاستحواذ، حتى إن الفرصة الوحيدة التي سجلت لمنتخبنا كانت عبر انفراد ضائع لبابلو صباغ، في وقت بدا فيه الدفاع الميانماري منظماً أكثر مما توقع الجميع.
في الشوط الثاني، حاول الميانماريون المباغتة بحثاً عن هدف، لكن تألق الحارس هدايا منع المفاجأة، قبل أن ينفجر أداء لاعبينا في الدقائق الأخيرة بثلاثة أهداف حملت معها التأهل الرسمي، وجرعة أمل بعد شوط أول للنسيان.
فرصة لإعادة التوازن..
سيخوض منتخبنا مواجهتين شكليتين في ختام التصفيات أمام باكستان في 20 تشرين الثاني المقبل، وأفغانستان في 31 آذار من العام القادم، وهما مناسبتان لتجريب عناصر جديدة، وإعادة بناء الثقة، والثبات على شكل المنتخب، وتثبيت أسلوب لعب أكثر وضوحاً قبل النهائيات.
التأهل للمرة الثامنة..
بهذا التأهل، يسجل منتخبنا مشاركته الثامنة في تاريخه في كأس آسيا، بعد أن شارك في نسخ 1980، 1984، 1988، 1996، 2011، 2019، و2023.
وكانت النسخة الأخيرة في قطر الأفضل في تاريخ الكرة السورية، بعد بلوغ دور الـ16 للمرة الأولى، قبل الخروج بركلات الترجيح أمام إيران.
اليوم، ومع استضافة السعودية للبطولة المقبلة، يتطلع الجمهور السوري لأن تكون المشاركة القادمة مختلفة، عنوانها الاستقرار، الأداء المتوازن، والهوية الفنية الواضحة.
مراجعة الأداء..
رغم الانتصار والتأهل، إلا أن الواقع لا يمكن تجاهله.
المنتخب مازال يفتقر إلى هوية لعب واضحة، وإلى فلسفة أداء متماسكة يمكن البناء عليها أمام منتخبات أقوى.
الاعتماد على الفرديات مازال يطغى، والانتقال من الدفاع إلى الهجوم لا يحمل الانسيابية المطلوبة في كرة القدم الحديثة، لاعبونا يبدون مشتتين في كل مباراة، الخطوط غير مترابطة، لايوجد هوية للفريق، وبصمة المدرب ماتزال غائبة.
الفرحة حق مشروع، لكنها لا ينبغي أن تسكت النقد البناء، لأن القادم أصعب، والمنافسات القارية لا ترحم.
إن لم تتم مراجعة ما حدث -لا سيما الأداء الباهت في الشوط الأول ضد ميانمار- فقد نجد أنفسنا أمام نسخة آسيوية جديدة بلا ملامح، رغم وجود عدة أسماء لامعة ومحترفين في الخارج.
خلاصة القول ..
بهذا الفوز، يخط منتخبنا صفحة جديدة في سجل مشاركاته القارية، لكنه في الوقت ذاته يضع نفسه أمام مسؤولية مضاعفة لإثبات أن الانتصارات لا تأتي من الفوارق الفردية فقط، بل من هوية جماعية واضحة، وأداء متطور يليق بطموح الجمهور السوري، فالطريق إلى السعودية لم يعد هدفاً بحد ذاته، بل بداية مرحلة جديدة تتطلب مراجعة واقعية، وعملاً منظماً يعيد للكرة السورية بريقها الحقيقي بعد سنوات من التقلب والبحث عن الذات.