الثورة ـ سمر رقية :
صناعة “مقلي الفخار” مهنة تراثية تحمل روح الطبيعة وعبق التاريخ، لأن أساسها من طينة الأرض، ولاتزال مزدهرة في قرية “دوير المشايخ” في ريف الشيخ بدر،
إذ يكاد لا يخلو بيت قروي في الساحل من منتج فخاري، وخاصة مقلي الفخار المرتبط بأكلة البرغل بحمص على الحطب في تلك القرى.
عن تاريخ المقلي وطرق صناعته أكدت الحرفية هيام ديوب لصحيفة “الثورة”، أن هذه الصناعة قديمة جداً في القرية، فهي تحتفظ في ذاكرتها منذ الطفولة كيف كانت والدتها ونسوة القرية يصنعن “مقلي الفخار” وأدوات فخارية أخرى عديدة، وحينها كانت تلك الصناعة حاجة أساسية وضرورية.
تقول: “منذ ذلك الحين وإلى اليوم لازلت أمارس هذه المهنة، وقد ورثتها لبناتي، لسببين: الأول مصدر دخل يسند مصاريف المنزل، والثاني لأنها مهنة تحفظ تراث المنطقة وهويته”.
وأوضحت أن صناعة “مقلي الفخار” تعتمد على الخبرة المكتسبة، ومواده بسيطة من خيرات الأرض، حيث تحتاج إلى ماء وتراب خاص “مُغربل ومنقى من جميع الشوائب”، وحجر ملحي يُطحن ويخلط مع التربة الخاصة، ثم ينقع التراب بالمياه لمدة ثلاث ساعات ويًعجن، ويُضاف له الحجر الملحي المطحون، يتم العجن جيداً لضمان القوة والتماسك والتجانس.
وتتابع: “نقوم بعد ذلك بإنجاز الأشكال الهندسية التي نريدها، ويسمى بهذه المرحلة مقلي فخار أخضر، قبل أن يجف.
ثم يوضع في غرفة لا يدخل إليها هواء أو ضوء، ويبقى فيها لمدة عشرة أيام حسب الطقس، وبعد ذلك نعرضه لأشعة الشمس حوالي ستة ساعات لإزالة الرطوبة، لنصل إلى مرحلة الشوي بالتنور ليخرج لونه أحمر، وبعد ذلك يغمر بورق السنديان الجاف لمدة خمس دقائق، وتسمى هذه المرحلة بالصبغة التي تكسبه اللون الأسود، وآخر خطوة يتم فركه بقطعة قماشية ناعمة لزيادة نعومته، ويصبح بعد تبريده جاهزاً للاستخدام”.
وتشير “ديوب” في نهاية كلامها إلى أن لكل “مقلي فخار” قاعدة يوضع فيها بعد رفعه عن النار، وتسمى بـ”السانونه”، وتكون على بشكل سلة مصنوعة من أعواد الريحان، وتؤمن الحماية الدائمة له.