“خزان المصطبة”.. عشر سنوات من الانتظار ومع التجريب بدأ التسريب!

تحقيق – مها دياب:

بدأ العمل في مشروع خزان المصطبة بمنطقة صحنايا بريف دمشق عام 2014، وبعد عقد من الزمن، وتحديداً في نهاية الشهر الماضي دخل حيز التجريب، لكن فرحة الأهالي لم تكتمل، إذ تبين وجود تسرّب في جسم الخزان بعد تعبئته، فتوقف تشغيله إلى حين إصلاح العيب الفني.

هذا التوقف المفاجئ أثار موجة من التعليقات والتكهنات بين المواطنين، إذ أشار البعض إلى وجود خلل في التنفيذ، وآخرون تحدثوا عن عيوب في التمديدات، بينما تداول البعض فرضيات عن فشل في التشغيل أو تواطؤ إداري.

نحاول في هذا التحقيق كشف التفاصيل..

شبكة لا تحتمل

لتوضيح الصورة، التقت “الثورة” بالمسؤولين عن المشروع في وحدة مياه صحنايا، وفي الشركة العامة للطرق والمشاريع، إضافة إلى المدير العام لمؤسسة مياه صحنايا.

كانت البداية مع مدير وحدة مياه صحنايا منيب الضاهر، الذي أوضح أن المنطقة كانت في السابق قرية صغيرة، وأن الشبكة الحالية نُفّذت منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، ولم تكن مصمّمة لاستيعاب التضخم العمراني الذي شهدته صحنايا بعد عام 2005، حيث أُنشئ أكثر من ألف بناء جديد، بعضها يصل إلى سبعة أو ثمانية طوابق، في حين أن الشبكة القديمة صُمّمت لتغذية منازل بطابقين أو ثلاثة. وبيّن أن عدد السكان في صحنايا والأشرفية تجاوز ستمئة ألف نسمة، وأن المياه تُضخ ليوم واحد فقط في الأسبوع ولمدة ست ساعات، وهي مدة لا تكفي لتغطية أكثر من عشرين بالمئة من حاجات السكان. كما أن ضغط الماء ضعيف، والخطوط القديمة ذات الأقطار الصغيرة لا تتناسب مع الكثافة السكانية الحالية.

وأكد أن صحنايا كانت تعاني من مشكلة مياه مزمنة حتى قبل التضخم السكاني، وأن الحل الوحيد لتجاوز هذه الأزمة هو تشغيل خزان المصطبة بشكل دائم، لأنه الوحيد القادر على تأمين ضخ مستمر يغطي حاجة السكان ويعيد التوازن إلى الشبكة، لكنه أشار إلى أن تشغيل الخزان توقف بعد أول تجربة بسبب ظهور تسربات في جسمه، وأنهم بانتظار استكمال أعمال العزل لإعادة تشغيله.

تجربة أولى

مدير المشروع، المهندس عصام جرادات، وهو تابع للشركة العامة للطرق والمشاريع، قال إن شركته تولت تنفيذ خطوط التعبئة والضخ لمنطقتي صحنايا والأشرفية، إضافة إلى الكسوة والباردة.

وأوضح أن أعمال الخزان استُلمت منذ عشر سنوات، وتم تنفيذ أعمال التعبئة والتفريغ، لكن عند تجربة الضخ ظهرت رشوحات في جسم الخزان.

وأضاف أن أعمال التنفيذ انتهت، وأنهم بانتظار تنفيذ العقد الخاص باستكمال الموقع العام، والذي يتضمن مادة العزل.

مبيّنا أن خطوط التعبئة والتفريغ ثبتت على أكمل وجه، وأن تجربة الضخ في صحنايا كانت ناجحة جداً، حيث ضخت المياه لمدة عشر ساعات، ووصلت إلى نحو خمسة وستين إلى سبعين بالمئة من الشبكة، بينما لم تُضخ إلى الأشرفية بسبب التسرب.

وأوضح أن الشبكة في صحنايا قديمة وتحتاج إلى خطوط دعم إضافية، وأن هناك دراسة لتنفيذ خط أو خطَي دعم لتشكيل حلقة متكاملة، وأن الشبكة الجديدة تحتاج إلى ضخ مياه على مدار أربع وعشرين ساعة، لكن المتاح حالياً لا يتجاوز عشر ساعات، ورغم ذلك نجحت التجربة جزئياً.

بداية أعمال العزل

وأوضح جرادات أن أعمال العزل ستبدأ في أماكن محددة داخل الخزان، وأن وزارة الموارد المائية ووزارة الأشغال العامة أجرتا كشفاً فنياً وطلبتا معالجة كافة التشققات.

وذكر أن المشكلة بسيطة من الناحية الفنية، لكن الإجراءات الورقية تأخذ وقتاً، وهي قيد المتابعة حالياً.

وأشار إلى أن العقد سيتم بالتراضي لتسريع التنفيذ، وأن شركة المشاريع ستتولى تنفيذ العزل بالكامل، والخزان يمكن تشغيله جزئياً بنسبة خمسين بالمئة دون خطورة، وأن سعته تبلغ عشرة آلاف متر مكعب، بارتفاع خمسة ونصف متر، حيث تعادل كل متر تعبئة ألفي متر مكعب.

وقد تم تعبئته حتى ارتفاع مترين، أي أربعة آلاف متر مكعب، وهي كمية ممتازة لدعم صحنايا.

تقييم فني نهائي

وبين جرادات أن الرشح ظهر فقط عند التعبئة فوق ثلاثة أمتار، بينما لم يسجل أي تسرب تحت المترين.

وأكد أن المياه في الخزان صالحة للشرب، وهي نفس المياه القادمة من مدينة دمشق، لكن استخدامها كان تجريبياً حفاظاً على سلامة المواطنين، وسيتم فحص المياه بشكل دوري.

كما تحدث عن تفاصيل استلام الخزان، موضحاً أن الجهة المنفذة كانت تعبئه حتى ارتفاع مترين فقط، وأنه تعرض للسرقة خلال فترة التحرير، وتم فتح المياه، وعند التجربة، ظهر الرشح فوق المترين.

وأكد أن البناء سليم فنياً، وأن القواعد الإنشائية للخزان متينة ولا توجد فيها تشققات أو تقصفات.

كما أوضح أن المنطقة جبلية، ولا توجد فيها خطوط جاهزة، وأن شركته نفذت خطوط التعبئة والإيصال، حتى خط الطوارئ الذي لم يكن موجوداً، وأن تعبئة الخزان تتطلب آلاف الصهاريج نظراً لموقعه المرتفع.

وختم بالقول إن الملاحظات الوحيدة كانت عند التعبئة فوق المترين، وأن الخزان قابل للاستثمار والاستفادة، لكن الإجراءات الإدارية ما زالت مستمرة، ولا توجد عراقيل فنية حالياً.

خطة استراتيجية

مدير مؤسسة مياه ريف دمشق، أحمد درويش، قال إن المؤسسة أجرت تقييماً للاحتياج في جنوب دمشق، ووضعت أولوياتها بناءً على ذلك، حيث تبين أن صحنايا وأشرفية صحنايا من أفقر المناطق مائياً.

وأشار إلى أن المؤسسة كانت قد أدرجت هذه المناطق ضمن خطتها الاستراتيجية لتغذيتها بالمياه عن طريق خزان المصطبة، الذي بدأ بناؤه عام 2014، وانتهى العمل به مؤخراً.

توسع غير مدروس

وأوضح أن التوسع العمراني في صحنايا وأشرفية صحنايا كان غير مدروس، وأن الشبكات الحالية ذات أقطار صغيرة جداً ولا تلبّي الحاجة، ما استدعى العمل على ثلاثة مستويات: أولاً: على مستوى الشبكة. ثانياً: على مستوى الخزان. ثالثاً: على مستوى المصدر الذي يغذي هذه الشبكات.

وأضاف: إن هناك ضعفاً في المياه الواردة، وأنه لم يكن محسوباً حساب تغذية هذا العدد الكبير من السكان، ما أدى إلى ضغط كبير على الشبكات التي لم تواكب التوسع السكاني. وعن المصدر المائي، أوضح درويش أن العقدة الثامنة كانت تضم 24 بئراً، وكان يعمل منها اثنان فقط، وبخط كهربائي غير مستقر، فقامت المؤسسة بمد خط تقنين لتأمين الكهرباء على مدار الساعة، وارتفع عدد الآبار العاملة إلى أحد عشر بئراً.

وبيّن أنه تم توقيع عقد مع جهة مانحة لتشغيل كامل العقدة بالتعاون مع الدفاع المدني، عبر برنامج الملك سلمان، ما سيساهم في تأمين المياه من المصدر.

وأوضح أن المؤسسة دعمت الخزان أيضاً من مياه الفيجة، لكن بسبب الشح في دمشق وريفها، تم تطبيق القطع على أكثر من منطقة، لأن الغزارة لا تكفي لتغطية الجميع.

خطوط جاهزة

وعن الخزان، قال إنه تم استكمال مشروع خطوط الضخ والإيصال، وتابعت المؤسسة العمل مع الشركة العامة للطرق والمشاريع المائية، وتم تحويل المبالغ اللازمة لمتابعة التنفيذ. وأكد أن خطوط الضخ تم استكمالها، وتمت تجربة البواري وكانت ناجحة، لكن ظهرت بعض المشاكل في الشبكة القديمة تتطلب إصلاحات بسيطة مثل السكورة والوصلات الصغيرة.

وبين أن المشكلة الرئيسية في جسم الخزان نفسه، حيث طلب المدير تعبئته بالكامل لتجربة الضخ، وأُعلن عن ضخ تجريبي لصحنايا وجزء من الأشرفية، ولكن بعد بدء الضخ، ظهر تسريب في جسم الخزان، ما كشف عن وجود مشكلة فنية تمنع تعبئته مرة أخرى أو ضخ المياه منه بشكل آمن.

عقد جديد

وأشار درويش إلى أن المؤسسة بحاجة إلى عقد جديد بالتراضي مع نفس الشركة المنفذة، لكن ذلك يتطلب موافقة الوزارة. وأوضح أن هذا الإجراء قد يستغرق من ثلاثة إلى ستة أشهر، لأنه يتطلب دراسة فنية، ورفع الكميات، والاتفاق على الأسعار، ثم الحصول على الموافقة، ومن ثم المباشرة بالتنفيذ.

وأكد أن العقد الحالي لا يشمل أعمال العزل، لأنه في دراسة العقد الأصلي، لم يحسب فيه بند العزل، ما يجعل من الضروري إعداد عقد مستقل. وأضاف أن التشغيل والعزل سيستغرقان عدة أشهر، وبالنسبة لتشغيله ضمن وضعه الحالي بين أنه غير ممكن، حيث إن العزل يحتاج إلى أن يكون الخزان جافاً تماماً قبل البدء بتفيذه، لكنه شدد على أن الناس انتظرت المشروع منذ عام 2014، ويمكنها أن تتحمل بضعة أشهر إضافية، خاصة أن الأزمة لم تكن بهذا الحجم سابقاً، وكانت المياه تصل مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً أثناء وفرة المياه، والآن العقدة الثامنة لا تكفي كونها تغذي الكسوة وضاحية 8 آذار أيضاً.

توزيع جديد

وعن الضخ وتوزيع المياه، أوضح أن المؤسسة بدأت بدراسة توزيع جديد سيصدر خلال أيام، وبالنسبة لمشاكل الشبكة التي تعوق وصول المياه إلى بعض المناطق، أشار إلى أن هناك دراسة لاستبدال أجزاء من الشبكة، خاصة في أماكن التوسع، لكن ذلك يحتاج إلى تمويل وجهد كبير. وفيما يتعلق بالصهاريج، أوضح أن المؤسسة تمنح الموافقة الفنية فقط، بينما تقع مسؤولية مراقبة النظافة والتوزيع على البلدية والمحافظة.

وختم حديثه بدعوة المواطنين إلى التعاون والصبر، والمساعدة في تقنين المياه، مشيراً إلى أن المؤسسة رصدت حارات فيها هدر كبير وأخرى لا تصلها المياه، مؤكداً أن المؤسسة تعمل بجهد، وأنها لا تتوارى خلف الأعذار، بل تواجه الواقع وتحاول حله خطوة بخطوة.

لا يحتمل التأجيل

الوضع المائي في صحنايا تجاوز حدود الاحتمال، والشبكة القديمة لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات.

ومع ارتفاع تكاليف تعبئة الصهاريج، بات تشغيل خزان المصطبة ضرورة لا تحتمل التأجيل.

والتصريحات الرسمية تؤكد أن الخزان جاهز فنياً، وأن التسربات قابلة للمعالجة، لكن الإجراءات الإدارية ما زالت تعوق دخوله في الخدمة.

وبين الانتظار والتجريب، يبقى الأمل معلقاً على الإسراع في تنفيذ العزل وإطلاق الضخ المنتظم، لتعود المياه إلى مجراها الطبيعي في واحدة من أكثر مناطق ريف دمشق كثافة سكانية.

آخر الأخبار
العلاقات السورية الروسية.. بين التعاون السيادي والمصالح البراغماتية الشرع في موسكو.. إعادة تشكيل الدور الروسي وموضوع المخلوع أهم قضايا البحث عودة المعلمين المفصولين.. وفاء للرسالة التربوية واستعادة للكرامة المهنية العملة الجديدة تحاكي احتياجات المكفوفين الفيجة تضيء بجهود أبنائها.. عندما يتحول العمل الأهلي إلى أداة تنمية الزحام المروري في دمشق يلتهم الأعصاب .. والجهات المعنية تكتفي بالمسكنات وزير المالية يناقش إصلاحات سوريا الاقتصادية في واشنطن شراكات تصنع الأثر.. تعاون مجتمعي نحو تعاف مستدام تسعة مراكز للشؤون المدنية تم تفعيلها بدرعا..وخطة لتأهيل أخرى تبديل العملة بين الإصلاح النقدي ومخاطر الدولرة "زووم " تعيد وصل سوريا بالعالم بعد عزلة رقمية رسالة الحق للعالم الشرع في موسكو.. تصحيح لجوهر العلاقات وتثبيت لسياسة التوازنات حملات التشجير .. استعادة الحياة الخضراء بعد سنوات الحرب والحرائق الأسعار في ارتفاع.. والأمهات السوريات يستغِثْنَ إصدار نقدي جديد يكرّس حق المكفوفين.. خطوة نقدية تعزز الشمول والمساواة فوز جديد للإسبان والأتراك لايلز وليفرون مرشحان لجوائز الاتحاد الدولي لألعاب القوى كريستيانو الخالد يصنع المستحيل.. (41) هدفاً في تصفيات كأس العالم مدرسة "بالا" بالغوطة.. تشكو نقص المقاعد