ما الذي يحصل في قطاع النقل الداخلي ؟..هل هي تشاركية بين العام والخاص أم خطوة باتجاه ابتلاع هذا القطاع ؟!…ما الأسباب التي أدت إلى “رضوخ حكومات سابقة لقبول إحتكار شركات خاصة للنقل ؟…
ثورة أون لاين :أكثر من ثلاثة أرباع الساعة هو الوقت الذي قضاه أشرف الاسمر على موقف للنقل الداخلي كان فيما مضى تابعا للدولة و بات حاليا تابعا لأحد شركات الإستثمار الخاصة في دمشق، فعلى الرغم من مرور أربع باصات سبق قدومها، إلا أنها كانت مكتظة بالركاب الذين وصل عددهم حداً دفع بعضهم للوقوف على الابواب.
قبل أن يبصر الاسمر قدوم أحد الباصات، والذي كان على عكس سابقيه يحمل عددا معقولا من الركاب ما سمح له إيجاد رقعة للوقوف داخل الباص الذي استمر بإستقبال المزيد والمزيد من الركاب، على الرغم من حالة التكدس ( المكدوسية ) التي أخذ يعاني منها.
وذكر الاسمر ان "هذا المشهد أصبح مألوفا إعتاده المواطن نتيجة لإفتقاره للحلول البديلة، ولذلك فإن وسائط النقل السورية باتت اليوم تعتبر سبباً للإكتئاب النفسي" مؤكداً أنه" مازال يتذكر إلى اليوم عبارة وزير النقل السابق، عن كون إدخال الشركات الخاصة إلى سوق الإستثمار في مجال النقل، هو مقدمة لحلٍ يعيد إلى المواطن كرامته، وينهي زمناً من المعاناة والركض وراء الميكرو باصات التي بات الجميع يشعر أن خدماتها أفضل بكثير من خدمات الشركات الخاصة للنقل الداخلي الجماعي
و هذه الشركات الخاصة لم ترجع المواطن الى عهد بال يئس فيه من النقل الداخلي فقط , بل زادت عليه ارتفاعا في الاجور التي تتقاضاها فحتى لو ركب المواطن لموقف واحد ( بضعة أمتار ) يطالبه السائق بقطع نفس التذكره التي قيمتها عشر ليرات , ناهيك عن نبرة التعالي و الكبرياء التي يمارسها بعض السائقين في تلك الشركات الخاصة باعتبار أنه مدعوم , و لو لم تكن شركته كذلك لما تم طرد السرافيس الصغيرة ليحلّوا مكانها بكل قوة و اذا لم يعجبك ذلك فهناك ألف حائط تضرب رأسك به , و اخر موضة لتلك الباصات وجود مرافق للسائق يجلس بين الركاب و هو جاهز لصد أي هجوم كلامي يتعرض له زميله السائق ؟!
لا تليق بالمواطن
من جانب اخر ذكر منتصر الخطيب إن استخدام وسائل النقل الجماعي بشقيها العامة والخاصة في سوريا، يجرد المواطن من إنسانيه، نتيجة للمعاملة التي يصفها بأنها غير إنسانية منذ صعود المواطن وحتى نزوله من الباص، فعلى الرغم من أن المواطن يدفع أجور إستخدامه لهذه الوسائل، إلا أنه يعامل وكأن مجرد صعوده إلى الباص تكرماً من أصحاب الشركات عليه".
"وسائل النقل العام في سوريا لاتليق بالمواطن لا من حيث الشكل ولا المضمون" وفقاً لما تحدثت به السيدة سلوى خالد ( ام محمد ) ، التي اعتبرت "أن المكاري في مرحلة ماقبل ظهور الباصات الكبيرة ساهمت على الرغم من المساوئ العديدة التي تحيط بها في حل الكثير من مشكلات النقل، وذلك نتيجة توفرها بصورة دائمه، إلا أن إدخال المستثمرين إلى قطاع النقل الداخلي والسماح لهم بإستثمار أموالهم في هذا المجال، جعل من واقع النقل الداخلي في سوريا أسوء من الناحية الجمالية والخدمية وحتى البيئية، فإذا كان المواطن يجد في المكاري الراحة أو السرعة فإنه اليوم قد فقدها مع شركات النقل الداخلي الخاصة".
تعابير سوقية
واحدة من أبرز المشكلات التي ينبغي التوقف هي آلية تعاطي السائقين مع الركاب، والتي "لا تمت إلى السلوك السليم بصلة، فالألفاظ المستخدمة لا تخلو من (السوقية)، فالسائق يعتبر نفسه رب المكان ، ولذلك فإنه يصرخ في وجه من يشاء، ويشتم من يشاء، وفي حال إعتراض الراكب على شيئ، فإن جواب السائق يكون حاضراً على لسانه دائماً(يللي مو عاجبوا ينزل )؟!
أين قانون منع الاحتكار
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق أين مصير القانون الذي أكد على ضرورة تسيّد المنافسة ومنع الاحتكار في أي قطاع يخص المواطن ، وهل ما يجري اليوم في قطاع النقل هو تشاركيه بين القطاعين العام والخاص أم خطوة فعلية باتجاه خصخصة قطاع النقل لتمكين المستثمرين من ابتلاع هذا القطاع بالكامل".
النقل الداخلي
ومن جانب أخر أكد محمد نعيم نخال مدير النقل الداخلي في دمشق "أن تعاقد الشركة العامة للنقل الداخلي مع المستثمرين كان على أساس السماح للمستثمر إستثمار الخط بصورة كاملة ولمدة عشرة سنوات، ولولا هذا الشرط لما تشجع المستثمر على الدخول في قطاع النقل، فهو بالنهاية تاجر، وهدفه الأول هو الربح، ولذلك فإنه لن يقبل مشاركة أي مستثمر أخر معه في ذات الخط خوفاً على أرباحه".
وعن العقوبات الواجب اتخاذها بحق المخالفين من الشركات الخاصة، قال نخال "أن الخدمة المقدمة من قبل الشركات الخاصة في مجال النقل سيئة جداً، إلا أنه ورغم ذلك، ليس بمقدور المؤسسة العامة للنقل الداخلي فسخ عقود هذه الشركات، نظراً لعدم توافر البديل".
وأكد نخال "أنه في الفترة التي سبقت الأزمة قامت المؤسسة العامة للنقل بفسخ عقدين لشركتين خاصتين في مجال النقل الداخلي، وذلك نتيجة لقدرة المؤسسة على سد النقص الناتج عن خروج الشركات من الخدمة في ذلك الوقت، إلا أن الظروف الحالية التي تمر فيها سوريا لاتساعد على فسخ عقود الشركات الخاصة، لأن فسخ هذه العقود سيؤدي إلى خروج الخط عن الخدمة، نتيجة لغياب البديل من القطاع الخاص من جهة، وعدم قدرة المؤسسة العامة للنقل على تأمين باصات من القطاع العام تحل مكانها.
وأضاف نخال "أن عدم إلتزام الشركات الخاصة بمبدء تواتر الباصات، تسبب بأزمة كبيرة في مجال النقل الداخلي، فعندما تعاقدت المؤسسة العامة للنقل الداخلي مع الشركات الخاصة، تم الإتفاق معهم على عدد معين من الباصات لتخديم كل خط، حيث يفترض بهذا العدد أن يعمل بصورة كاملة على الخط، بما يضمن تخديمه بصورة جيدة".
"إلا أن الذي حدث في الواقع كما ذكر نخال نخال "هو أن عدد الباصات التي تعمل في الواقع على الخطوط أقل من العدد الذي يفترض تواجده، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن المستثمرين الموجودين بمجال النقل الداخلي يعملون بعقلية صاحب السرفيس، الأمر الذي لايجعلهم يتقيدون بأوقات الإنطلاق والوصول إلى المواقف الرسمية، مما يتسبب بالإختناقات التي نراها اليوم بدمشق وغيرها من المدن".
ادارة الشركة خارج التغطية
هناك صعوبة حقيقية عند النظر إلى أي من باصات النقل الداخلي التابعة لشركات الإستثمار الخاصة، صعوبة تتمثل في الوصول إلى رقم يمكن من خلاله الوصول إلى إدارة الشركة، سواءاً لتقديم شكوى لها أو حتى للتواصل , فجميع هذه الباصات تتعمد وضع أرقام هواتف الشركات التابعة لها على مؤخرة الباص، في مكان يصعب وصول المواطن إليه، أو حتى الإنتباه إلى وجوده أصلاً، هذا في حال كانت هذه الأرقام كاملة أصلاً، فمعظم المواطنين الذين إلتقيناهم أكدوا على "أن أرقام الشكاوى هذه تكون في معظم الأحيان ناقصة وغير مكتملة، ما يصعب وصول صوت المواطن إلى إدارة شركات هذه الباصات".
وبعد إطلاعنا على واقع هذه الأرقام، و القيام بمحاولة الإتصال ببعضها، إلا أنها كانت خارج نطاق الخدمه، وبعد البحث و التمكن من الحصول إلى رقم إحدى شركات النقل الداخلي الخاصة من أحد السائقين العاملين على خطوطها، وعند الإتصال بالشركة للتواصل معها والإستعلام منها عن بعض القضايا التي تتعلق بألية عملها، بدؤوا بقطع الوعود للإجابة على التساؤلات دون جدوى، وبعد الالحاح المتكرر لم يجيبوا على اتصالاتنا في المطلق
ثورة أون لاين – موسى الشماس