ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
يعود طرح الحلّ السوري إلى التداول السياسي من بوابة ما شهدناه اليوم في حي الوعر، وهو طرح طالما أعطى نتائج تفوقت على سواه من طروحات، بل قدم في أحيان كثيرة ما يفوق قدرة أي طرح حين لم يكن بحاجة إلى مؤتمرات، ولا إلى رعاة ووسطاء، وحدهم السوريون أنجزوا اتفاقهم ويستكملون اليوم تنفيذه.
ندرك أن الاتفاق تأخر لبعض الوقت، وكثيرة هي العراقيل والعقبات التي حالت دون أن يتحقق في وقت سابق، لكنه بإرادة السوريين ورغبتهم وبتصميمهم انطلق ليكون عيّنة قابلة للتكرار، بل تجربة تستحق أن يتم التوقف عندها من باب المعايرة والقياس وقابليتها لتنسحب على مناطق أخرى ومواقع أخرى بأمس الحاجة للحلّ السوري.
وندرك أيضاً أن هناك هواجس ومخاوف، وعوامل قلق، بل ربما كانت هناك اعتراضات أو حالة من التشكيك، لكنها في نهاية المطاف أضافت بقعة إلى مناطق الأمان السوري، وستجعل حمص مدينة تحت سيطرة الدولة المطلقة، بما يعنيه من أمن وأمان واستقرار يحتاجه السوريون، الآن قبل غد، وربما غداً قبل بعد غد.
بهذه المقارنة يبدو اتفاق الوعر سابقاً زمنياً ومكانياً لكل ما سيلحق به من تطورات، حيث تمكن من تحقيق ما عجزت جهود دول كبرى.. فرادى ومجتمعة عن تحقيقه، والأهم أنه استطاع أن يحيّد عوامل الإعاقة الذاتية والموضوعية عن طريقه، وأن يعزل العقبات التي أخّرت لبعض الوقت تنفيذه أو إقراره، وهو يحقق خطوات واضحة في سياق المقاربة السورية بمعناها الأوسع والتي كان فيها الخطاب سورياً جامعاً، والصوت المسموع فيها من هنا وهناك سورياً.
لا ننكر على أحد هواجسه ومخاوفه، ولا على أحد حساسيته تجاه مسائل، كانت قد أوجعت السوريين لسنوات مضت، وتحمّل بعضهم آلام التضحية والفراق لأحباء وأعزاء، لكن نستطيع أن نجزم أن آلام الوطن كانت أكبر ونزيفه أصعب، وحين اختار السوريون لغة التسامح والمسامحة كانت الحصيلة أن كسب الجميع، وربح الوطن، وهي معادلة يتقنها السوريون، بل يضيفون إليها من وقع تجاربهم التي تبقى حقيقة ماثلة، خطاها البعض، وتلمس نتائجها، وينتظرها البعض الآخر، كي يخطو باتجاهها مدفوعاً بما تقتضيه مصلحة الوطن.
عند هذه النقطة تتقاطع جملة من المعطيات ، وتتحرك وبشكل متواز سلسلة لا تنتهي من المؤشرات، التي تكاد تجزم بأن ما قدمه اتفاق الوعر في توقيته، يشكل ردّاً على أكثر من جبهة ورسالة قد تكون الأهم في مضمونها، حيث عزل العامل الخارجي كان كفيلاً بإنجاح الحلّ السوري، وهذا ما ينسحب على الوضع برمته، وأساسه وقف تدفق الإرهابيين من الخارج ووقف دعمهم وتمويلهم، بل رفض أي دور لمن يمثلون الصوت الخارجي، وهو صوت غير سوري، ولا يريد الحلّ السوري.
ولعل تزامن البدء بتنفيذ اتفاق الوعر مع زحمة مؤتمرات المعارضة يسطر بدوره رسالة مهمة إلى الجميع بأن الطريق من هنا، ولا يحتاج إلى الكثير من الجدل ولا النقاش حول قضايا باتت محسومة ومعروفة، وأن الدور الفعلي لكثير من قوى المعارضة الوطنية أن تأخذ ما يجري من حلول سورية على أنها فرصة لبذل المزيد من الجهود، في إطار ثوابت وطنية محسومة، وبما يضمن سيادة الدولة ووجودها وكيانها.
الحلّ السوري لا يحتاج إلى مؤتمرات، ولا إلى وسطاء دوليين ومكاتب متابعة أممية، ولا إلى تواريخ تتغير بتغير المناخ، ولا إلى عواصم تتبدل بتبدل الظرف والمزاج، والحلّ السوري لا يحتاج إلى معارضات الفنادق، ولا إلى وصفات جاهزة من الخارج، ولا يقبل بها، بل يتناقض معها، ما يحتاجه ببساطة إرادة وطنية تُغلِّب ثوابت الوطن على سواه، وتُفضّل مصلحة الوطن على ما عداه وتكف عن شراء الوهم المعروض في بازار المتاجرة الدولية.
والحلّ السوري أيضاً هو قرار سوري بكتابة سورية ونصوص سورية، لا تحتمل التأويل ولا تقبل التفسير المزدوج، وهو خيار في مواجهة الإرهاب وفي رفض وجود الأوصياء على قرار الشعب السوري، والأهم أن يكون في نهاية المطاف توحيداً للجهد السوري لمواجهة الإرهاب الذي بات التوافق على تعريفه أكثر قرباً، وتحديد من هو الإرهابي الذي أضحى كل من يحمل السلاح في وجه الدولة أو من يسانده بما في ذلك الأطراف الدولية الداعمة والإقليمية الممولة التي تجاهر بأجنداتها على الملأ.
a.ka667@yahoo.com