الفجور الغربي.. فرنسا وألمانيا أنموذجاً

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
لم تكن ردّة الفعل الغربية عموماً والفرنسية – الألمانية تحديداً على ما يجري في حلب مستبعدة، لكنها بالتأكيد وبالضرورة مستهجنة، ليس لما فيها من توصيفات خاطئة وغير مقبولة فحسب،

بل أيضاً لأنها تنطوي على سُعار خوف وذعر على مصير مرتزقة وإرهابيين لا يستطيع أي خطاب سياسي مهما تَجمَّل أو اختبأ خلف العبارات الإنسانية أن يدافع عنهم، لكن ليس بمقدور ساسة الصفقات والارتزاق أن يخرجوا من جلدتهم، فكل إناء ينضح بما فيه.‏

فالمنطق كان يقتضي النظر بإيجابية إلى دحر الإرهاب في أي بقعة، وفي الحدّ الأدنى التريُّث في إصدار المواقف أو التعاطي ببعض الهدوء في منهج الخطاب حيال تطور ميداني واضح المعالم والأبعاد، ويحسم بصورة مباشرة مواجهة مفتوحة مع الإرهاب، ويتجه نحو تقليص مساحة وجوده، ويدحر خطراً مقيماً على المدنيين في حلب وغيرها، حيث جرائم الإرهابيين ومجازرهم كانت شاهد إثبات على ضرورة التعاطي مع المسألة بكثير من الحَسم بعد أن تفشّى خطرهم، وبات يشكل تهديداً تجاوز حدود وجوده المحلي.‏

السُعار الفرنسي الألماني المشترك.. ومباركة الأميركيين له وإن بدا بطريقة التشكيك يشير بوضوح إلى صدمة لم تكن محسوبة أو غير مُدرجة على أجندات الخطاب السياسي الغربي، أو على الأقل لم يتم التحضير المسبق لها، فجاءت المواقف التي أطلقتها الدبلوماسية الفرنسية ونظيرتها الألمانية أقرب إلى الإنشاء في خطاب يُغالي في التجنّي ويجاهر بخوفه وخشيته على مصير الإرهابيين، حيث الخطوة التي تحققت في حلب في جوهرها وقبل أي اعتبار تمثل فرصة غير مسبوقة للمدنيين وللسكان في حلب من أجل الفكاك من الإرهاب ومتزعميه، خصوصاً بعد عمليات هروب المدنيين من الأحياء التي يسيطر عليها الإرهابيون، واللجوء إلى الدولة السورية والجيش السوري.‏

وجاءت المشاهد الموازية لها أو المرافقة من خلال تسليم العديد من المسلحين لأسلحتهم للجيش السوري قرينة إضافية على أن المقاربة الفرنسية ومعها الألمانية هي نتاج فجور سياسي وغلوّ في تبنّي الإرهاب والتطرّف وتشجيعه، حيث بدا المشهد الغربي مصاباً بعمى الألوان ويعاني من قصور سياسي لكثير من ساسته ودبلوماسيته، وهو أمر ليس بجديد، لكن أن يصل الأمر إلى مستوى التماهي مع الإرهاب بهذا الشكل فالأمر يحتاج إلى وقفة إضافية!!‏

لسنا بوارد تعداد أسباب وموجبات الهلع الفرنسي والألماني مما تحقق، ولا نيّة لدينا في سرد دوافع التشكيك الأميركي ولغة التهديد بسقوفها المرتفعة التي تبنّاها كيري بناء على معلومات وتسريبات يدرك مسبقاً أنها لا توفر له الحدّ الأدنى من المشروعية، خصوصاً إذا ما قارناها بما يتوافر لدى الوزير كيري من معلومات ومعطيات تحسم حدود الخلط بين الواقع والتمنيات.‏

لكن قد يبدو من المفيد وسط هذا النفاق الغربي أن نستدل على الأقل في مفردات الخطاب الغربي على أوجه الشبه بينه وبين خطاب الإرهاب ذاته، وتحديداً «داعش والنصرة» ومشتقاتهما بتدرج تسمياتها، حيث سيكون أقرب إلى الاستحالة بمكان أن نجد فرقاً واحداً بين ما تبنّاه الغرب في مقاربته ودوافعه، وبين أسباب وموجبات قلق التنظيمات الإرهابية ومخاوفها.‏

قد لا يكون من الصعب فهم ذلك بحكم التعويل الغربي على الإرهاب، وليس من العسير تفهم عوامل القلق الغربي من اندحار الإرهاب، وهو الذي راهن عليه، وكنّا على يقين تام بأن أي هزيمة يُمنى بها الإرهاب ستصيب الغرب وخطابه وسياسييه بحالة من الإحباط، وسترتسم على وجوههم خيبة أمل كبيرة، لكن لم يكن أحد يعتقد أن يتجرّأ الخطاب الفرنسي والألماني تحديداً على الدفاع عن الإرهاب والإرهابيين، وهم يدركون بالأدلة والقرائن الدامغة مدى مخاطره ومساحة توحشه، وعايشوا ويلاته والكثير من فظائعه على أرضهم وداخل مدنهم وبلداتهم، وكيف تعاملوا معه ورسموا خطوطاً من الشبهة على إجراءاتهم بتلون مسمياتها..!!‏

لا نعتقد أن في الأمر أحجية أو ألغازاً، بل جملة حقائق آنَ أوان تدحرجها، وربما كان لبعضها السبق في الكشف عن أوراقها قبل أن يحين حينها، حيث العقل السياسي الذي يدير ملفات السياسة الغربية عموماً يفتقد للمنطق كما يفتقر للكفاءة، وما يتقنه على مدى السنوات التي خَلَت كان المتاجرة بالشعارات وتغييراً في الطرابيش أو تعديلاً في التسمية من أجل التوصيف، وفي أفضل حالاته إنجاز الصفقات المشبوهة مع أوكار منتجي الإرهاب ورُعاته ومموّليه، وأي تغيير أو تعديل أو انحراف عن المشهد يصيب بالصدمة والارتباك، وغالباً ما ينتج خطاباً متخماً بفوضويته وعبثيته ويفيض بالفجور السياسي المقيت..!!‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
مبعوث ترامب: واشنطن تخشى اغتيال "الشرع" وتدعو لتأمينه وتوسيع الدعم لحكومته " الثورة " تفتح ملف تفاصيل وخفايا الجدال حول  استثمارات "تعبئة المياه'' الليكو لـ"الثورة": شروط صارم... رفع جودة الخدمات في اللاذقية قبل الموسم السياحي الشيباني يلتقي نظيره الفرنسي في نيس الفرنسية يربط الموانئ البرية والبحرية.. البراد: رفع الطاقة الاستيعابية لـ"معبر نصيب" الصناعيون يطرحون حلولاً إسعافية.. معامل السيراميك بين أزمة الطاقة والتهريب تكاليف الزواج تغتال فرح العرسان  هل يبنى الزواج على الحب..أم على الملاءة المالية ..؟! دراسات لمشاريع تنموية في درعا ضربات جوية تستهدف مناطق بريف إدلب تخلّف قتلى وجرحى كتّاب اللاذقية يطالبون بمشاركة أوسع وتحسين واقعهم المادي السورية للاتصالات: انقطاع الانترنت سببه عطل فني مؤقت تأمين مستلزمات العملية الامتحانية بالتعاون مع "اليونيسيف" الشرطة السياحية.. تعزيز للثقة بين السياح والمجتمع المحلي إزالة ألغام ومخلفات حربية في درعا  اقتصاد العيد.. يرفع حركة الأسواق 20 بالمئة السلم الأهلي.. ترسيخ القيم الاجتماعية والمبادئ السماوية د. عليوي لـ"الثورة": محاربة الجريمة بكل أشكا... ملك الأردن والرئيس اللبناني: أهمية الحفاظ على أمن واستقرار سوريا السّلم الأهلي.. يرسم ملامح سوريا ويخطّ مسارها الوطني تأمين نقل للمراقبين والإداريين المكلفين بالامتحانات في جرمانا "يديعوت أحرونوت":  استغلال ولاية ترامب للتوصل لاتفاقيات مع الدول العربية