ثورة أون لاين – علي نصر الله: في عدوان الايام الثمانية على قطاع غزة واضح ان الاسرائيليين تعلموا من تجاربهم السابقة في ممارسة العدوان على لبنان وغزة أمرا واحدا فقط هو ألا يرفعوا سقف التوقعات او الاهداف،
ورغم تواضع الاهداف المعلنة للعدوان الاخير الا ان شيئا منها لم يتحقق، فلا القبة الحديدية نجحت، ولا تحقق وقف اطلاق الصواريخ، ولا ازدادت حالة الردع الاسرائيلي قوة.
في نتائج العدوان على الارض سيقرأ الاسرائيليون الهزيمة بمرارة ولوقت طويل جدا، ذلك ان الامر لم يتوقف هذه المرة عند الاخفاق في تحقيق اهداف العدوان، وانما فرض التطورالذي حققته فصائل المقاومة الفلسطينية لجهة الرد والقدرة على مواصلة الرد الموجع باستهداف تل ابيب وليس المستوطنات القريبة من القطاع فرض معادلات ردع جديدة لم تختبرها دوائر العدوان من قبل ولم تحسب حسابها يوما.
في النتائج السياسية لم يحقق نتنياهو في عدوانه اي قيمة مضافة كان يبحث عنها كي تحمله في الاستحقاقات الانتخابية الاسرائيلية القادمة، ولم يتمكن نتنياهو من تشكيل اختراقات او مكاسب جديدة من الاطراف الاقليمية والعربية والدولية غير تلك التي أعطيت له كما كانت أعطيت لغيره من قادة كيان الارهاب المنظم، سواء لجهة ما قدم له من قبل منظومة حكومات ملوك الخيانة في الخليج، او لجهة ما قدمت له رئاسة مصر الاخوان «بزعامة محمد مرسي مبارك» من ضمانات لم يتجرأ على تقديمها نظام مبارك!!.
نعم لقد انتصرت غزة على نتنياهو، بل على اسرائيل، وأجهضت أهداف المجتمعين على العدوان من الدوحة والرياض الى تل أبيب وواشنطن وأنقرة ومعها حكومات الاسلام السياسي التي أنتجها ما يسمى بالربيع العربي، غير ان ما تحقق من نصر لقوى المقاومة الفلسطينية، اشتغلت، وتشتغل قوى العدوان هذه – في هذه الأثناء- على تبديده علنا ومن دون استحياء معتمدة في سعيها لتبديده على من ذهب الى أحضان الرجعية العربية ليثبت ان أخوانيته أهم وأعظم وأكبر من عروبته ومن فلسطينيته!.
في كل مرة كانت تنتصر فيها المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية كانت اسرائيل والولايات المتحدة تجد طريقها الى الخليج والقاهرة والغرب المتصهين لتبديد الانتصار والحؤول دون استثماره في السياسة، وان عدم التقاط مصر الاخوانية الفرصة لاحتضان غزة ودعمها وفتح المعابر معها ومدها بالسلاح وكل أسباب الصمود هو تواطؤ معلن مع اسرائيل على فلسطين وغزة المحاصرة.
وان قبول مصر الاخوانية أن تكون وسيطا بين المقاومة الفلسطينية في غزة واسرائيل ومباهاتها بلعب هذا الدور، فضلا عن أن قبولها- وترحيبها – بأن تلعب دور المحكم الذي سيمضي كل الوقت في مراقبة الطرفين بحيادية، وفي رصدهما لجهة الخروقات التي قد تحصل على الجانبين، هو قبول معلن في ابقاء مصر في الخندق الاسرائيلي، وهو اصرار على منعها من الانتقال الى خندق المقاومة حيث هو مزاج شعب مصر وحيث هو مكان مصر الطبيعي الذي يعيد لها دورها القومي والاقليمي الذي لن يعود لها لطالما حرصت رئاستها الاخوانية على الامساك والتشبث بالأظافر والأسنان بالتحالف المريب مع واشنطن، ولطالما أعلنت احترامها لعلم كيان الارهاب اسرائيل في قلب القاهرة، ولطالما أعلنت وفاءها لكامب ديفيد!.
مؤسف أن يضيع انتصار غزة، ومؤسف أن تتصدى النعاج لنفي صفة وطباع الذئاب عن اسرائيل، ومؤسف أن يبيع البعض ذاته رخيصا في بازارات اسطنبول والدوحة والقاهرة، غير أن ما جرى هو جولة ستتبعها جولات، والانتصار الذي تحقق ستتبعه انتصارات ستسجل لخط المقاومة في الأمة الذي يراكم الانجازات بصمت وهدوء، والذي لن تزعجه – كما خيل للبعض – محاولات التجاهل، ولا محاولات سرقة الانتصار، ولا محاولات تعويم منتجات «الربيع العربي» وعلى رأسها حكومات الخفة والتواطؤ والعمالة في مصر وليبيا وتونس التي تخندقت الى جانب ملوك وأمراء التخلف والاستبداد والخيانة في الخليج ، والتي ارتمت في أحضان اسرائيل والولايات المتحدة .
ali.na_66@yahoo.com