ثورة اون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
لم يكن التصفيق الحاد من قبل منظومة الإرهاب ومرتزقتها على العدوان الأميركي السافر مجرد موقف دعم، بل هو أمنية ندرك أنها راودت الكثير من أطرافها، خصوصاً تلك التي شكلت وتشكل حتى اللحظة.. الحاضن الفعلي للإرهاب ومنتجاته ومستنسخاته من التنظيمات الإرهابية التي جاءت أميركا لتقدم لها ما عجزت عنه الدول المشغلة.
فتداعيات العدوان لا تقتصر على إظهار الوجه البشع للقوة الغاشمة، بل هي أيضاً تكشف ما هو أكثر بشاعة: موقف الدول التي أيدت ذلك العدوان، فبعضها وصل دركاً إضافياً لم يكن لأحد أن يتخيله، بعد أن هللت لحالة عدوان موصوف، يشكل خرقاً لأبسط قواعد القانون الدولي في خطوة لا تمثل خروجاً على الشرعية الدولية فقط، بل أيضاً حتى على الأعراف والتقاليد المعمول بها في الداخل الأميركي وخارجه، الذي بدت بعض اتجاهات الرأي فيه مصدومة من عربدة إدارته والمغامرة المفتوحة على المجهول.
وهذا يتقاطع مع المعطيات المتدحرجة التي أخذت سياقاً أكثر وضوحاً، بعد أن شهد العالم أن الكذب الأميركي لا يقتصر على الذريعة المختلقة، بل في النيات المبيتة وآلية التخطيط والتنفيذ, ولا يزال البعض يتذكر بالتفصيل ما قالته المندوبة الأميركية في جلسة مجلس الأمن من تهديد واضح معد وجاهز، وكانت قد جاهرت به علناً في الجلسة التي فشلت فيها باستصدار قرار متسرع ومتجنٍ على الواقع والمنطق والمعطيات.
المفارقة لم تعد فقط حكراً على سياق ما تنتجه من انعكاسات متسارعة، ولا في العمل على توثيق أبعد لحدود ومساحة الدور الأميركي المرسوم ليكون محاولة محمومة لتعويض فشل الإرهاب ومشغليه، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، بل حين بدت معادلات المواجهة تتحرك نحو مؤشرات أكثر وضوحاً في عجز الاستراتيجية المتبعة، وأن الفشل ليس حالة مؤقتة بقدر ما هو سياق تنتجه مختلف المقاربات الأميركية، التي لا تُعدّل فيها تغيير الإدارات إلا في الشكل أو الطريقة مع الحفاظ على رتم العدوان بصورته المقززة، التي عبرت من خلالها إدارة ترامب بأن التهور أبعد من حدود المساحة التي ترجمتها تصريحات أركان البيت الأبيض والدائرة الضيقة المحيطة بها.
الأخطر يبقى تلك المقاربات الملحقة بالموقف الأميركي والتي لا تكتفي بسوق تبريرات وذرائع أقبح من العدوان ذاته، بل تضيف عليها رصيداً من الوضاعة السياسية غير المسبوقة، وهي تدفع إلى الجزم بأنها ليست تابعاً صغيراً للسياسة الأميركية فقط، بل هي مجرد أدوات ترتزق على هوامش العدوان الأميركي، حيث سيكون من الصعب فهم ذلك الانسياق الذي يخجل منه بعض الأميركيين، فيما يتدافع بعض الأعراب للتفاخر به ..!!
لا تقتصر القضية على سياق المواجهة المحمومة التي تقود العالم نحو مفازات قد تكون الأخطر والأكثر كارثية في التاريخ الحديث، ولا على المنزلقات القادمة التي لا تكتفي بنسف أي أفق للمسار السياسي، بل تدفع إلى قلب الطاولة وإعادة خلط الأوراق إقليمياً ودولياً.. وقد تكون هي عناوين المرحلة القادمة.
الفارق أن أميركا بعدوانها المباشر كشفت كل ما كان تحت الطاولة، وكل ما كان يغرق في فوضى المواقف والتداعيات فوقها، بدليل أن تلك التبريرات الساقطة لبعض الأعراب وتأييدهم القذر للعدوان الأميركي تعكس أي درك وصل إليه الانحطاط في التسول لأميركا، وأي مشهد يُراد له أن يكون المظلة لعمالتهم وخيانتهم حتى لوجودهم ومحيطهم وانتمائهم، حيث العدوان لا يبرره إلا كل شريك فيه، ولا يؤيده إلا كل ضالع في المخطط ومنخرط في المشروع العدواني التآمري على الأمة بوجودها وكيانها.
والفرق أن ما كان –ربما- مسكوتاً عنه حتى وقت قريب بات أمام أعين الجميع، وعلى ألسنتهم، ونحن أمام مرحلة سيكون عليها أن تضع نقاط الحقيقة بكل ما فيها من مرارة على حروف الجبهات المفتوحة.. بكل ما فيها من احتمالات، والتي تفضي بالضرورة إلى أن العدوان سيكون وبالاً على المشاركين فيه، وأن هزيمة الإرهاب ومشغليه باتت أقرب من أي وقت مضى، وأن المواجهة التي فتحها العدوان الأميركي على مصراعيها لن تتوقف على ما يخطط له الأميركي ومرتزقته، ولن تقتصر على ما كان قائماً بل ستفتح دائرة النار ليتدحرج اللهب غرباً وشرقاً.
رأس جبل العدوان الذي تختبئ خلفه أذرع المنظومة المتورطة ينزاح في غير موقعه، وخارج سياق التدحرج الذي حاولت الرعونة الأميركية أن تستدرجه، وبعيداً عن حسابات المرتزقة والإرهابيين، وبشكل يتناقض كلياً مع كل معادلات التابعين والمرتهنين والمصفقين للعدوان، وهذا ما كان المعادل الموضوعي لكل سياقات التاريخ، وهو المعيار الاصطفائي لكل حقائق الوجود، فسورية التي جابهت وواجهت وقاومت وصمدت وانتصرت ستبقى كذلك، و¬¬قد مر عليها غزاة ومعتدون وقتلة ومتهورون وكاذبون ومفترون ومرتزقة وخونة ومتآمرون ومصفقون وشامتون، وأقزام سياسة وأنصاف بشر ومعتوهون إلا أنهم دُحروا.. وبقيت سورية وستبقى ولو كره الحاقدون والمعتدون.
a.ka667@yahoo.com