ثورة اون لاين: لم يعد الحديث عن حسم الموقف السياسية تجاه ما يجري على الجغرافية السورية من قتل وتخريب وعنف يقل اهمية عن الحديث عن الحسم العسكري والمقصود بالحسم هنا تحديد الموقف مما يجري من صراع مع سورية وعليها بين قوى خارجية تحالفت معها بعض قوى الداخل بمواجهة والسلطة الوطنية السورية وما تمثله من قوى مجتمعية وسياسية وهوية ووظيفة وانتماء فلم تعد المسألة تحتمل من وجهة نظرنا اية مواقف ضبابية او انتهازية او اطلاق تصريحات والقاء اللوم على هذه الجهة او تلك او هذا الطرف او ذاك والمراهنة على الزمن املا بكسر قاعدة الصراع القائمة لمصلحة احد اطرافه ما يوفر لتلك القوى الالتحاق به او قطف ثمار ما تم دفعه من ثمن وهي تجلس على مقاعد الانتظار .
ان التحدي الذي يواجه كافة قوى المعارضة الوطنية سواء كانت في الداخل او الخارج يتمثل في تحديد موقف صريح وواضح في رؤيتها لطبيعة ما يجري على الساحة السورية هل هو حراك شعبي مطلبي اصلاحي سلمي في اطاره العام رفضت السلطة الوطنية التعاطي معه بايجابية ام ان ما يجري في جوهره وابعاده وسياقاته جزء من مشروع يصب في خدمة قوى كبرى وصراع مشاريع اقليمية ودولية استطاعت ركوب موجته وتوجيه بوصلته بما يخدم اهدافها جاعلة منه غطاء لتنفيذ اجندتها واهدافها عبر الاستثمار في احتياطيها من قوى مجتمعية وتيارات سياسية اقصيت في غالبيتها عن الخريطة السياسية الاقتصاديةوالاجتماعية منذ اكثر من خمسين عاما وهو ما انقضى من عمر النظام السياسي الذي ترفع تلك القوى المقصية نسبيا شعار اسقاطه .
ورب قائل يقول ان الازمة في سورية لا يمكن اختزالها في بعد واحد اي في بعدها الخارجي المؤامراتي فهي ذات ابعاد مركبة داخلية واقليمية وخارجية وهذا كلام صحيح وموضوعي ولكن السؤال الاهم اذا سلمنا جدلا وبحسن نية ان ما جرى ابتداء من حراك شعبي له اسبابه الموضوعية فهل بقي ذلك الحراك باسبابه وادواته ووقوده وسلميته هو الفاعل الاساسي الذي يحرك الازمة ويعطيها ديناميتها ويحدد مساراتها ومآلاتها وبوصلتها ام انه اختطف ووظف لمصلحة وخدمة مشاريع اقليمية ودولية في اطار لعبة الامم وتحول الى حرب غير مباشرة تشنها قوى خارجية ببعض ادوات الداخل بهدف تدمير الدولة الوطنية السورية وتحطيم الجماعة السياسية وهدم عقدها الاجتماعي والسعي لاعادة تشكيلها بعد تشظيتها على حوامل وانتماءات فرعية لا ترتقي الى مستوى الهوية الوطنية الجامعة .
ان ما يجري على الساحة السورية والثمن الباهض الذي دفعه السوريون والاحتمالات المفتوحة مستقبلا باتجاه الاسوأتستلزم من كافة القوى الفاعلة على الساحة السورية ومن جميع الاطراف التي تتاجر بالدم والوطن السوري ادراك حقيقة ان وقف حمام الدم والانتحار البطيئ الذي يبدو ان الامور تسير باتجاهه يستوجب منهم موقفا مسؤولا وطنيا واخلاقيا ويوجب عليهم اعلان القطيعة التامة مع الخارج واغلاق الابواب والنوافذ والانفاق المفتوحة معه والاحتكام الى لغة العقل والجلوس الى طاولة حوار وطني تسبقها احراءات بناء ثقة تتمثل بالتوقف عن كل اشكال العنف والقتل والتخريب مع مساحة من السماحة يبدو راهنا ان ثمة امكانيةلا زالت قائمة لتحققها قبل ان تصل الامور ليس الى نقطة اللاعودة بل الى انتفاء وزوال كل ما يمكن الحديث او الحوار عنه او حوله ؟
د. خلف علي المفتاح
السابق
التالي