ثورة اون لاين: كانت المنطقة العربية منذ مئات السنين في دائرة الاستهداف من قوى كبرى مثلتها في الغالب القوى الغربية التقليدية وهذا ناتج عن عدة اسباب منها الثروات التي تمتلكها وتختزنها وموقعها الاستراتيجي ومخزونها النفطي والروحي وزاد من اهميتها واستهدافها قيام الكيان الصهيوني على جزء من اراضيها وتقديمه لنفسه خادم للمصالح الغربية .
هذا الاستهداف للمنطقة العربية من قوى غربية لا يخفي حقيقة ان ثمة قوى اقليمية لها اطماعها ومشاريعها في بلداننا العربية ولها اجندتها التي تتغلف بالوان زاهية ومخادعة تتستر غالبا بالدين الذي يبدو انه يمتلك جاذبية عالية ودرجة عالية المستوى من التأثير لدى قطاعات واسعة من ابناء المنطقة المسكونين بشكل طبيعي بالحالة الدينية التي تتحرك غالبا بشكل غريزي دونما ملامسة لاي مستوى من مستويات الوعي او اليات المحاكمة العقلية في اطار معرفة وتحليل الابعاد السياسية لهكذا مشاريع .
ان مصدر الخطورة في المشاريع الاقليمية انها وكما اشرنا سابقا تركب موجة الدين لتخترق جمهورها الافتراضي ما يمكنها من تحقيق نجاحات سريعة لتقاطعها مع مصالح لقوى وتيارات دينية تتفاعل معها في مساحات واسعة وغالبا ما يرافقها علو صوت مع تحشيد ديني غير مسبوق يمكن راكبي موجته من نسف وتجاوز كل خطوط المواجهة بالعزف على اوتار تستحضر كل اشكال التعبئة الغريزية التي تفعل فعل النار في الهشيم .
ان استهداف منطقتنا العربية من هكذا مشاريع يجب ان لا يجعلنا نلقي باللائمة على هذه الدولة او تلك ونوجه سهام الاتهام الى هذا السياسي وذاك التنظيم وانما ان نطرح السؤال التالي على قياداتنا العربية ونخبنا السياسية والفكرية ترى اين هو المشروع القومي العربي ولماذا تغيب مشاريعنا السياسية كي تحضر مشاريع الاخرين واجنداتهم وهل اصبح الفكر السياسي عاقرا او في حالة موت سريري حتى يبحث بعض العرب عن حمايات من خارج الحدود او الالتحاق بمشاريع واجندات خارجية لتكون شعوبنا وثرواتنا وقودا لها وارضنا مسرحا لعملياتها ،اليس من العيب والعار على ابناء امتنا ان يكون اجدادنا الذين عاشوا قبل اكثر من قرن قد ادركوا ابعاد المشاريع الغربية ونجحوا في افشال العديد منها على الرغم من حالة الامية والجهل والفقر ومستويات الوعي التي عاشوها ونحن اليوم نملك الثروات والجامعات ودرجات من الوعي والمعرفة يفترض بها ان تحصننا معرفيا وفكريا وتحول دون وقوعنا في اخطاء قاتلة ونذهب ضحية مشاريع جديدة قديمة تستهدف وجودناكأمة اولا وكياناتناالوطنية ونسيجنا المجتمعي لتعيدنا الى عصور ما قبل تشكل الدولة القطرية .
انها لمفارقة عجيبة ومأساة حقيقية تلك التي تعيشها مجتمعاتنا ونخبنا السياسية والفكرية والثقافية تجعل المتابع لتداعيات الاحداث وخط سيرها في منطقتنا لا يشعر بالتفاؤل الحقيقي في اي قراءة موضوعية للمستقبل اخذا في الاعتبار ما يجري على الساحة العربية من صراعات وتحولات على الرغم من الحديث عن ربيع عربي لا زال عند البعض يعيش ازمة توصيف ويرى البعض الاخر انه اختطف ووظف وظهر لصالح اجندات اقليمية او دولية.
والحال وحتى لا يدخلن احد في مربع اليأس والتفاؤل لا بد من التأكيد على ان مشارع الاخرين تحضر عندما تغيب مشاريعنا وانهم يسعون لملأ الفراغ الذي نتركه ناهيك عن القول بأن الذي يكسب اية معارضة قوة حقيقية مهماكان برنامجها على درجة من الضعف هو الاخطاء التي تقع فيها اية سلطة حاكمة عربية فتتحول اخطاؤها الى مشاريع للأخر سواء كان خارجيا او داخليا يستثمره ذلك الخارجي لتحقيق مصالحه واجنداته .
د. خلف علي المفتاح