ثورة اون لاين: فرق كبير بين أن تنأى بنفسك وبين أن تنأى عن نفسك، تماماً كما الفرق بين أن تتصالح مع ذاتك فتكون سورياً سواء كنت موالياً أم معارضاً، وبين أن تنفصم عنها لتزدوج أو لتنشق أو حتى.. لتنفجر إذا كنت من متابعي المشهد السياسي المعارض في سورية اليوم!
صحيح أن السوريين لا يريدون النأي بالعام 2012 وهو العام المتخم بالدم والخراب وتعب البال, لأن النأي به يعني أن يحملوه معهم إلى العام 2013 وبكل ما كان عليه من الألم والخوف والخطر المحدق، بل إنهم يريدون وبأمل كبير، ومن دون انتظار للإبراهيمي أو غيره، أن ينأوا عن العام المذكور من دون استعادته، لأنهم يحبون الحياة وينتظرون عودتها بشوق عارم إلى وطنهم وأرضهم وأجيالهم بعد أن غادرتهم عامين تقريباً.. أو سلبهم إياها أغراب وأعراب، لكن الصحيح أيضاً أن الغالبية العظمى من السوريين سواء كانوا معارضة أم موالاة نأوا بوطنهم عما يراد له من تشويه وتمزيق، وبسوريتهم عن أن تكون عنواناً لنفاق أحد في هذا العالم أو مداهنته على حسابها.
فالكثيرون ممن قدموا أنفسهم معارضة ودعاة تغيير في بداية الأحداث، عادوا ونأوا بأنفسهم عن ذلك في العام 2012 حين رأوا بأم العين أن ما يجري ليس حراكاً سياسياً وطنياً أبداً، وحين اكتشفوا أنهم يتحولون، دون أن يدروا، إلى وقود لإحراق سورية وتفتيتها.. وليس لتحديثها أو دمقرطتها. ويستطيع كل منا أن يدلل على ذلك بالكثير من الأمثلة والأسماء والرموز التي غابت حين أدركت، والتي نأت حين حضر الأغراب والأعراب مدججين بالمال والسلاح والإرهاب.. والابتسامات الصفراوية السامة، لكنهم.. حين نأوا بأنفسهم في هذا المخاض المؤلم.. فقد نأوا عن وطنهم أيضاً وليس به!!
والكثيرون أيضاً ممن لا تاريخ لهم في المعارضة أو الدعوة للتغيير والديمقراطية.. من النكرات وشذاذ الآفاق والمتسلقين المتملقين المنافقين، تصدروا المشهد السياسي السوري، وقدموا أوراق اعتماد إلى من هب ودب من الخارج، فواصلوا الذهاب إلى حافة الهاوية سياسياً أو إرهاباً، فإما هم أو فلتذهب سورية إلى الجحيم، يتنقلون اليوم بين مجلس وائتلاف وبين هيئة واتحاد، علهم يفوزون من الخارج بما يعجزون عن بلوغه في الداخل.
أيها السوري أياً تكون, في هذه الساعات الأولى من العام الجديد 2013 لم يعد كافياً.. أن تنأى بنفسك كي تنال براءتك وتثبت أقدامك في وطنيتك، بل أن تنأى عن لامبالاتك وانتظارك وحسابات أخماسك وأسداسك، فتيمم الطرف نحو سورية الوطن في الدفاع عنها.. ولو بكلمة أو بموقف أو بزفرة غضب وهي أضعف الإيمان؟
خالد الأشهب