ثورة أون لاين- أسعد عبود:
هذا جزء آخر مني قد هوى … في السبع العجاف التي مضت علينا و مستمرة في حياتنا، تساقطت الأوراق و مالت الأغصان تعبة، حتى لامست الأرض، فلم يعد الموت حدثاً عرضاً، ولم يعد الأقزام و المتطاولون يبذلون أي جهد ليعتلوا هامتنا .
هوى خالد .. استسلم و فارق الحياة … رافقتُه طويلاً .. كنا زملاء العمل الصحفي من آرومتين متقاربتين … في السنين الماضية .. سنين الكارثة كنت ألتقيه كلما جئت دمشق حاجاً إلى صحيفة الثورة .. هنا أمضيت عمري. و على صفحات أوراقها الصفراء كتبت قصة حياتي .. و ما زلت .. و كان خالد في مقدمة الذين تفرض عليّ وقائع حياتنا الكارثية زيارتهم ..
لا أعرف إن كنت في زياراتي له ابحث عن مهموم أكثر مني .. تشغله كل صغيرة و كبيرة مما يجري – لم يكن فيها صغيرة – لكنني أرجح أنه علقني في حديثه، الصدق و احترام الآخر فلا يشغله طويلاً بلمة سفاسف من هنا و هناك .. أحتفظ بأوراق صورها لي عن الانترنت .. الأشهب كان أميل للتحليل و الاستنتاج بين السياسة و الفلسفة و ليس إلى جمع الشائعات.
كان وجعه ممضاً .. يسمع و يقرأ و يرى فلا يصدق .. هل تجرؤ الخيانة على هتك عرض وطن و شعب .. ؟؟!!
لم يكن من السهل علينا أن نصدق ما لا يكون أن يكون .. و من بدايتها توقعنا العاصفة الهوجاء التي بدأت في ربيع قذر أعلن أنه : في سورية ستتبدل الفصول .. فلا صيف و لا ثمار و لا ظلال و هواء منعش ، تلي ذاك الربيع.. بل بعده كان شتاء مظلم ملون بالدم و الخراب ..رحل خالد ولم ير نهايته .. و أملي قليل في أن أشهد أنا نهايته.
قاوم صديقي بجدارة .. قاوم كاتباً وطنياً .. و قاوم رب أسرة .. هو مصدر رزقها و حارس أمانها و الحالم بمستقبلها .. مستقبل أولاده ..
وضعه المادي كرجل نظيف يعيش و اسرته من دخله استلزم دقة الادارة الأسرية كي لا يسقط سترٌ عن مستور .. و جاءت الأحداث لتعاظم من ثقل المهمة و صعوبة التصرف .. و هذا سيعقد من ظروف الحياة القادمة لهم .. لكن ..
ستتمكن أم داني – لها و لأولادهما و الاسرة كلها كل العزاء – من قيادة السفينة التي رفع خالد شراعها لتمضي مع اولادها إلى ضفة الأمان و السلام .. يقيني كذلك .. و هو مبني فقط على كونها السيدة السورية القادرة دائماً .. إنها واحدة من نساء الوطن اللاواتي سيعدن بناء سورية.
من غصة في الحلق و ضيق على الروح .. لدي سؤال :
أين موقع راحل أمضى جل أيامه ..سنيناً طويلة.. عقوداً.. يسهر يومياً يتابع الخبر والسياسة والاقتصاد والثقافة .. حتى ينذر الليل بأنه سيسلم أمره للصبح القادم … و إلى أن جاءته أزمة قلبية في الموعد المتكرر لانتهاء العمل في الصحيفة فأنهت عمره ..
نعم أعني مادياً .. لن أحولها إلى مطالب و نق ..
طوبى لك يا صديقي الراحل خالد الأشهب .. ليس ثمة أصعب و أسوأ من الموت .. لأي سبب كان … إلا الخيانة .. كثيرون خانوا .. و أنت لم تكن قريباً من ذلك ولا لأي سبب ..
طوبى لك …