ثورة أون لاين:
جاءني على غير عادته… مكفهر الوجه… عاقد الحاجبين… نبرة صوته توحي (بالقهر) المتولد عن الظلم..
فرد أوراقه المبعثرة بعد أن أخرجها من جيوبه والاستغراب جعل صوته يرتجف ولسانه يتلعثم…!!
تصور يا صديقي (والكلام للمكفهر والمقهور): لجنة تخمين الأراضي خمّنت أرضي البالغة عشرة دونمات مع أكثر من /150/ شجرة جوز كبيرة وبناء بيتوني والمستملكة لصالح إنشاء سد البلوطة بأقل من /4/ ملايين ليرة سورية…؟!! حينها رحت أهدئ من روعه وامتص غضبه مع اتباع سياسة اللف والدوران المتبعة وعلى نطاق واسع مع التفنن في كيفية إيقاع الظلم بالعباد من قبل الجهات (المسؤولة).. ورغم أنني أدرك أنني (أكذب عليه) إلاّ أن الوضع تطلب مني ذلك عند تأكيدي له أن (الحكومة) لن ترضى وسوف تعطي الفلاحين المستملكة أراضيهم حقوقهم المشروعة..
وإذا كانت لجان التخمين قد ارتكبت وظلمت فإن الوضع لن يستمر وستقوم (أي الحكومة) بتشكيل لجان (إنسانية) لتقدير الأضرار ومنح الأسعار الحقيقية للأراضي المستملكة لصالح سد البلوطة..!!
وما عليك يا صديقي إلاّ أن توكّل محامياً شاطراً وفلهوياً.. ولو أصابك في مقتل وقاسمك على نصف رزقك (المهدور) قصداً..؟!!
هنا عادت بي الذاكرة إلى الوراء وتحديداً لعام 2010 عندما زرت ألمانيا ورأيت كيف أن أفخم فندق عدل بناؤه حتى يترك لتلك الشجرة السامقة حريتها في النمو والامتداد…؟!
أما عندنا (وتحديداً) في الوادي الجميل المستملك لصالح سد البلوطة فإن آلاف أشجار (الدلب) المعمرة مئات السنين (جرمت) من جذورها دون أن يرف جفن لمسؤول..؟!!
حينها نظرت إلى صديقي المكفهر: مظلمتك المحقة نقطة في بحر ظلم البيئة التي وقع عليها ظلم الجاهلين… فالضرر المادي هو الأرخص فالمال يمكن أن يعوض، وكذلك الأرض.. أما تلك البيئة الجميلة والأشجار المعمرة والمغارات المطمورة وطواحين الماء التراثية… وينابيع الماء العذبة فتعويضها من المستحيلات..؟!
هنا (سكن) صديقي واعتذر… بعد أن احمرت وجنتاه خجلاً…!!
أدركت حينها أن مبرراتي أتت أكلها بعد أن اقتنع أن حجم الضرر الخاص الواقع عليه وعلى أمثاله لا يقارن بحجم الضرر العام الذي أصاب البيئة والمجتمع في (مقتل)..!!