ثورة أون لاين- علي نصر الله:
معركة الجنوب الجارية في هذه الأثناء – جنوب دمشق – مع ما تبقى من حُثالات إرهابية داعشية وغير داعشية من مُشتقات الوهابية والأخوان، قد تكون آخر المسامير التي تُدق في نعش مشروع الاستهداف الصهيو-أميركي في سورية والمنطقة.
المجتمع السوري المُقاوم يتقدمه جيشنا البطل، بعد أن قال كلمته الفصل في الميدان: أنْ لا مكان للتطرف والإرهاب في سورية، يخوض حالياً ربما آخر الجولات والمعارك مع الجيوش البديلة بالثّبات والثقة ذاتها التي أنتجت نصراً مُبيناً في مناطق واسعة من الوطن، إذ يتم حالياً دفن طموحات وأحلام وأوهام معسكر العدوان وحلفه الشيطاني.
ليس من المُبالغة في شيء أن يُقال ما تَقدّم، ولا أن يجري حديث النصر على ألسنة السوريين الذين استُهدف وطنهم، وكان تدمير دولتهم وبُنيانها الهدف الذي حُشد له ما حشد على كل المستويات، ذلك أنه في أدلة الإثبات ومنها: يكفي قوى البغي والعدوان أن تنظر في حالها أين كانت وأين أمست، لتكتشف الحقيقة من أن هذه الدولة، قيادتها جيشها وشعبها، عظيمة حقاً، وقد هزمت فعلياً أخطر مخطط للشر وُضع لها، وكسرت أكبر عدوان اشترك فيه الغرب كله وأذياله في أربع جهات الأرض.
أين المناطق العازلة التي صدع معسكر العدوان رأس العالم بها؟ أين الأحزمة الأمنية التي رُسمت على الخرائط؟ أين الدويلات التي رُوّج لإقامتها على أسس غريبة عن المجتمع السوري؟ أين الفيدراليات ومشاريع التقسيم التي نَظّرَ لها كثيرون؟.
لقد أسقطت سورية بصمودها وتصديها الأسطوري كل ما تَقدّم، وتمكنت بقوتها وبما تكتنزه من قدرات ذاتية خلّاقة مُقاومة مع حلفائها من أن تجعل جميع هذه المشاريع والمخططات مجرد ذكريات سيئة في واشنطن وباريس ولندن والدوحة وأنقرة والرياض.
لم تستسلم قوى الشر والعدوان، نعم لم تستسلم بعد للوقائع، لم تُقر هذه القوى بالنتائج العملاقة التي حققتها سورية، نعم، وقد تُنكر وتستمر في إنكارها زمناً يطول أو يقصر، لكن هل لها أن تُنكر بأنها صارت عاجزة عن العودة بالوضع إلى المُربعات الأولى التي كانت فيها إلى الأمس القريب؟.
في العمق، وفي الدواخل الأكثر عُمقاً، يُدرك الأميركيون وكل من معهم في تحالف العدوان الذي يقودونه حقيقة أن تعويض جزء من الفشل والإخفاق أصبح ضرباً من الخيال، وأن العودة إلى المربعات الأولى صار أمراً من المُحال تحقيقه، ولذلك ربما يُطالع العالم هذه المستويات من الجنون التي صارت إحدى سمات الغرب وأميركا!.
في السياسة، ما زالت واشنطن على وهمها، أو على الأقل ما زالت تُوحي لشركائها في الوهم بأن اللعبة لم تنته، وبأنها قادرة على مواصلة اللعب في الوقت المُستقطع أو بالأوقات التي تعتقد بقدرتها على استقطاعها مرة بعد أخرى، بل ما زالت تعتقد ربما بأن منصات جنيف وفيينا وبروكسل لم تُستنزف بعد، وأنه هناك المزيد من الفُرص المُتاحة لاستخدامها بهدف إفشال آستنة وسوتشي ولفرض ما يُحقق غايتها.
وفي الميدان، ما زالت تعتقد واشنطن بصفتها القيادية لحلف العدوان، أنّ إعادة تدوير حُثالاتها الإرهابية مُمكنة بما يُتيح لها العمل تحت سقف الأهداف ذاتها التي بدأ العدوان لتحقيقها، غير أنّ جُل ما يشغلها هذه الأيام هو الفاتورة التي ينبغي تسديدها، بمعنى تحديد الجهة أو الأطراف التي ستدفع، هل هي المملكة الوهابية أم دُويلة قطر، أم بالشراكة بينهما رغم ما صنعته بهما ورغم ما أشعلته بينهما؟.
لواشنطن أن تُفكر بالطريقة التي تُعجبها وتُتقنها، ولنا أن ندعَها تُصاب بالصدمة والخيبة والذهول .. لها أن تُنكر ثم تُحاول .. ولنا أن نُراكم انتصاراتنا ونجعلها تتراجع خطوة بعد أخرى فنُفقدها قسراً مع كل خطوة شيئاً من غرورها وغطرستها، ونفرض عليها وعلى حلفها قواعد اشتباك جديدة لا يُنكرها اليوم إلا من استحكم العناد برأسه، ولا يتنكر لها غداً سوى المُنفصل عن الواقع .. فمعركة الجنوب التي بدأت ستُستكمل؟.