ثورة أون لاين- علي نصر الله:
تنسحب، أم لا تنسحب، أم هي على وشك اتخاذ قرار الانسحاب من المنطقة على قاعدة أن التحدي الأكبر للولايات المتحدة منطقة بحر الصين الجنوبي والشرق الأقصى الذي ينبغي لأميركا التوجه لهما؟.
تقديرات خاطئة هي، ولا علاقة لأصحابها باحتراف القراءة السياسية ربما، ذلك أن هذه التقديرات إذا كانت اعتمدت على تصريحات أميركية في هذا السياق، فهي التصريحات المُضللة التي لا تقول شيئاً من الحقيقة وليس نصفها!.
قد تكون الولايات المتحدة بحاجة لتعظيم حضورها وتأثيرها بمنطقتي بحر الصين والشرق الأقصى عموماً لتطويق الصين ولمنع روسيا من توسيع نفوذها، وقد تكون واشنطن تضع خطط الانتشار وإعادة التموضع هناك على نار حامية مرة بالتعاون مع الناتو وأخرى استجابة لمخططاتها القديمة المُتجددة بالهيمنة، غير أنّ ذلك لن يتم على حساب (إسرائيل) ولن يجري هذا السيناريو بإدارة الظهر الأميركي لمنطقتنا والخروج منها.
الحلم الإمبراطوري، المصالح والطموحات الإمبريالية لأميركا، دافعان أساسيان لتوجهها نحو شرق آسيا لكبح جموح ونمو بلدان المنطقة، لكن الأيديولوجيا هنا، وهي الأهم بنظر كل الإدارات الأميركية المُتعاقبة منذ نهايات الحرب العالمية الثانية ونشوء الكيان الصهيوني، ذلك أنه صار من الممنوع على أميركا أن تُفكر بمغادرة المنطقة قبل أن يتحقق الحلم التلمودي المزعوم الذي أصبح غاية للمُحافظين الجُدد في أميركا المُتصهينة إداراتها.
أحد أهم الأدلة على عدم دقة التقديرات من أنّ الولايات المتحدة تُلملم وهي في طور المغادرة، اهتمامها الكبير بإحياء محور دول الاعتلال العربي ليس على قاعدة السياسة وإنما على مبدأ عسكري أمني تُترجمه بتشكيل ناتو عربي ذخرته حتى الآن بصفقات سلاح بلغت قيمتها مئات مليارات الدولارات!.
صحيحٌ أن مشروع العدوان الأميركي ضد سورية انهزم، تحطم على صخرة صمود سورية التي وقف معها حلفاؤها، وصحيحٌ أن ذات المشروع كان تحطم في لبنان 2006 عندما استهدف المقاومة التي وقفت سورية بصلابة إلى جانبها، لكنّ الصحيح أيضاً أن أميركا لم تستسلم وهي بصدد منح التحالف الصهيوني الأعرابي الوهابي الإخواني فرصة أخرى، بل ربما المزيد من الفرص التي تفتح لها أبواباً إضافية للنهب والاستنزاف حتى لو فشلت بتحقيق الأهداف المرسومة!.
محاولة إحياء محور الاعتلال العربي والانتقال به خطوة إلى الأمام باتجاه التصعيد الذي يقوم على فكرة تشكيل نواة صلبة قوامها عسكري أُتخم بالسلاح الذي ستُديره جنرالات إسرائيلية أميركية، هي الإجراء الأميركي الذي لا يُفهم منه سوى إعلان البقاء بالمنطقة لمزيد من العبث والتهديد والاستنزاف لسورية وإيران ولبنان المقاوم والعراق واليمن وكل من يُقاوم مُخططات الاحتلال والهيمنة الصهيو أميركية، وهي المحاولة الأخيرة ربما لأنّ ما سيترتب على المُغامرة بالعدوان أو بتفجير حرب جديدة في الخليج والبحر الأحمر لن يُشبه في النتائج ما ترتب على المُغامرات العدوانية السابقة.