ما بين مساعي الغرب الاستعماري لاستعادة أسطوانة الكيميائي المكرورة والممجوجة، وبين قيام تنظيم النصرة الإرهابي بإخفاء كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة في المناطق التي تم الاتفاق على نزع سلاحه منها مع باقي التنظيمات المسلحة،
وبين التصريحات المتبادلة والاتهامات والتهديدات الأميركية بخاصة، تبقى الحقيقية متمثلة في استمرار العدوان على سورية، ولكن بأشكال وطبيعة وسلوك وتقنيات مستحدثة. فالمؤامرة الغربية الاستعمارية لم تحقق أهدافها، وهي قد سقطت تحت أقدام جنود الجيش العربي البواسل، ولم تستطع أن تحدث متغيرات في الداخل السوري بعد أكثر من سبع سنوات من القتل والتدمير واتساع دائرة الإرهاب وظهور آلاف الفتاوى لمشايخ الفتنة وتوظيف آلاف القنوات والمحطات والصحف والمواقع الإعلامية، ورصد مليارات الدولارات، كل ذلك لم يغير شيئاً على الواقع المجتمعي على الرغم من اتساع دائرة الخراب والدمار.
وفي ظل تزامن انتصارات الجيش العربي السوري ميدانياً مع الحضور الدبلوماسي والسياسي على المستوى الدولي تزداد المسألة تعقيداً ويفقد المتآمرون والمخططون عقولهم فيبتعدون عن المنطق في تحليل المستجدات وتقدير المواقف وحساب الوقائع ووضع الاحتمالات المعقولة ضمن سلة التعامل مع الحدث السوري، الأمر الذي نراه جلياً في اجترار التجارب الغبية السابقة، وفي تكرار الأخذ من منبع الحقد والكراهية واللجوء إلى اتباع أسوأ الأساليب في اختبار آليات العدوان رأسمالها أكذوبة الكيماوي، والتمادي في الحديث عن احتمال استخدامه ليكون البوابة التي تبرر العدوان الغربي أمام الشعوب الغربية ذاتها، وهي تتعرض لأبشع أنواع التضليل من جانب الحكومات وأجهزة استخباراتها.
إضافة إلى محاولات تبديد صلاحيات مجلس الأمن في تحديد مسؤولية استخدام الأسلحة الكيميائية ونقلها إلى منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية إذ تسيطر الولايات المتحدة والغرب الاستعماري على قراراتها وتتحكم برأي وتقييم الأمانة الفنية للمنظمة، وبذلك يتم اختراق وتجاوز أسس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وهذا جزء من آليات العدوان المتجددة بعد فشل الأسلوب العسكري عبر التجنيد الإرهابي، وفشل المحاولات السياسية عبر بوابة مجلس الأمن الدولي، فيأتي الدور على المنظمات الدولية المتخصصة ومنها منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية لتكون مطية للمؤامرة وحصان طروادة للمشروع الغربي الاستعماري وهي محاولات لن تتوقف ما لم يسقط المشروع التآمري من أساسه ويتم القضاء على كل أدواته، وهو ما يتم تحقيقه ميدانياً وسياسياً، ولن يمضي وقت طويل حتى نراه كاملاً، ماثلاً للعيان.
البقعة الساخنة
مصطفى المقداد
التاريخ: الجمعة 12-10-2018
رقم العدد : 16809