لم يتخل الاحتلال الإسرائيلي يوماً عن محاولات فرض مخططاته الرامية لتهويد الجولان المحتل، وتغيير هويته ومعالمه الجغرافية والديموغرافية، ولكن تلك المحاولات تصطدم دوماً بالرفض القاطع الذي يجسده أهلنا في الجولان المحتل بشتى أنواع المقاومة، منذ اليوم الأول لاحتلال الجولان، وهذا الرفض يتجسد اليوم مجدداً خلال المواجهات مع العدو، والتحركات الشعبية المتواصلة رفضاً لإجراء سلطات الاحتلال ما تسمى «انتخابات المجالس المحلية» التي حاول الاحتلال فرضها عليهم بالقوة، غير آبهين باعتداءات الاحتلال وإجراءاته التعسفية.
وما يحدث اليوم في الجولان المحتل من مواجهات مع الاحتلال، هو استمرار لنضال أهلنا ضد المخططات الإسرائيلية الاقصائية غير الشرعية، وقد أسقطوا مجدداً بهبتهم الشعبية المشروع الصهيوني الرامي لتهويد الجولان، فأوهام الاحتلال بفرض الجنسية، والهوية الإسرائيلية تهاوت أمام صمود أبناء الجولان ومقاومتهم بصدورهم العارية للاعتداءات الصهيونية، وهذا ليس جديداً عليهم، فقد سبق لهم وأكدوا منذ بداية الاحتلال عام 1967 تمسكهم بهويتهم الوطنية، ورفضهم القاطع لكل الإجراءات التعسفية التي يحاول الاحتلال فرضها عليهم.
الاحتلال الإسرائيلي يتوهم أن الأحداث الجارية في سورية تشكل له أرضية ملائمة لفرض مخططاته التي عجز عن تحقيقه، ولهذا السبب لم توفر حكومة العدو الصهيوني فرصة أو مناسبة إلا واستثمرتها لدعم التنظيمات الإرهابية، ومدتهم بكل أنواع السلاح لارتكاب جرائمهم ضد السوريين، وشاركت أكثر من مرة بشكل مباشر في الحرب الإرهابية على سورية، وشنت عشرات الاعتداءات الموصوفة على مواقع الجيش العربي السوري لحماية مرتزقتها الإرهابيين، وكل ذلك بغرض إيجاد فرصة لانتزاع اعتراف دولي يشرعن احتلالها للجولان، ولكن أوهامها ذهبت أدراج الرياح.
رهانات حكام العدو وتصريحاتهم المتكررة بأن الكبار من أهل الجولان سيموتون والصغار سينسون, ما هي إلا مجرد أوهام وأضغاث أحلام, فالكبار وإن رحلوا جسداً لكنهم ورثوا حبّ الوطن والأرض لأبنائهم الذين حملوا الأمانة بأعناقهم, ولم تستطع آلة الجبروت الصهيونية إجبارهم على التخلي عن هويتهم الأصلية والقبول «بالهوية والجنسية الإسرائيلية» وما زالوا يسطّرون أروع الصفحات المشرقة في تصديهم لإجراءات الاحتلال العنصرية، و»إسرائيل» الغارقة حتى النخاع في الحرب الإرهابية على سورية تتوهّم بأن أطماعها التوسعية في الجولان ستتحقق, وأن تحويلها لبعض الحكام العرب ولاسيما في مشيخات النفط والغاز في الخليج إلى مجرد دمى تحركهم كيفما تشأ سيحول مشروعها الصهيوني إلى حقيقة على أرض الواقع, وتتجاهل حقيقة أن الجولان المحتل هو في قلب سورية التي لن تدّخر جهداً, ولن يهدأ لها بال حتى يعود كاملاً إلى حضن وطنه الأم طال الزمن أم قصر.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 31-10-2018
رقم العدد : 16824
السابق
التالي