هوليوود في دير الزور.. هناك حيث «ديكور» المارينز يطل على كل الأدوار من قسد الى داعش فينتج البنتاغون أجزاء جديدة من سيناريو الجزر والمد لخيم الخلافة.. وفي كل مرة ينهض البغدادي من بين تقاطعات السياسة في الميدان حتى اذا أراد ترامب عودة أردوغان الى الأحضان رمى بالأكراد للمرة المئة في محرقة المرحلة وصنع من آخر النهايات بداية جديدة لحكاية الارهاب التي لايريد لها أن تنتهي… تخرج تصريحات الأميركي من شرق الفرات لينعي انتصارات الأكراد، وربما يريد من العالم أن يصدق بأن داعش المهزوم حيث لايكون التحالف الدولي تهبط عليه الامدادات بموائد عسكرية من السماء، وربما يقتنع ترامب «بنظرية الحورية» التي تؤلف لنا حكاية ألف ليلة وليلة لاتنتهي عن ذلك البغدادي الذي «يقاتل» بالتركيب الضوئي.. وقد تفتح واشنطن كل «خيلات» القصص وتبتعد عن حقيقة دعمها اللوجستي الذي لاينضب لتنظيم داعش.. فكيف يجتمع العالم بعتاده العسكري بالقرب من هجين في دير الزور ويغلب الارهابي أكثر الطائرات تطورا للغرب من دون أن تهتز سمعتها العسكرية بعدم التمييز بين طفلة وانتحاري؟.. وكيف تحارب أميركا بالفوسفور الأبيض ويزداد انتشار الرايات السوداء على حدود معسكراتها بالشمال ويكاد جندي المارينز يضرب التحية للّحية الارهابية على الحدود مابين العراق وسورية، وقد يرسل برقية لمصر يهنىء فيها التنظيم على افتتاح بقع الدم مجددا ويعده باقتراب الموعد من حدود الأردن حيث لن ينفع العرب استعراضاتهم لـ «درع العرب 1» ولن ينقض «الذئب الحديدي الضخم» في مناوراته الأميركية الأوروبية المشتركة على لحم «الإخوة» في داعش والنصرة… فإيران هي الخطر بنظر العيون الزجاجية الاسرائيلية للغرب والخليج، لذلك أنزلت عليها العقوبات والتهديدات مجدداً استعداداً لحرب كبرى لايريدها الغرب أن تندلع ولايريد لها أن تُنسى .. فكان الحل الأقسى بحصار نفطها ولكن هذه المرة بوصايا نتنياهو الاثني عشر، وربما اختارت «تل أبيب» التوقيت في ذروة مأزق السعودية علها تنزل ابن سلمان بضع أغصان عن شجرة التورط بدم الخاشقجي.. فيبقى عالقاً بأمان يوقع الشيكات حتى آخر الدولارات في مغارة آل سعود..
هي حرب الدخان تدور في المرحلة على مساحة المنطقة، فدخان محرقة قسد الذي أشعلته واشنطن بكبريت البغدادي يغري أردوغان لاختراق اتفاق إدلب مع روسيا، وقد تعمي معاقبة ايران الأنظار عن جرائم السعودية وقضية الخاشقجي حيث يدري ترامب قبل غيره أن تجديد الحصار في نفس موعده سيأتي بذات النتائج الباهرة للجمهورية الاسلامية بعد40 سنة من الحصار الاقتصادي مع اختلاف الظروف القطبية لواشنطن.. فأوروبا والصين والهند وروسيا وحتى تركيا هم خارج تغطية العقوبات الأميركية لطهران… فمن سيلتزم مع ترامب في عقوباته الخلبية ومن سيعيده الى طاولة المفاوضات النووية يوم وضع شروطاً للمفاوضات تعجز حتى الادارة الأميركية على ترجمتها؟.. فلا هو قادر على الحرب مع ايران ولا على السلام.. وقد يضطر الرئيس الأميركي القادم بعده الى استساخ تجربة ذل ترامب في كوريا الشمالية والذهاب الى طهران بأقدام محروقة من دروب النيران التي مشت عليها واشنطن بخطوات ترامب..
في حرب الدخان يبقى بعض العرب هم الأكثر غباشة في العيون ومع ذلك يصر أن يمشي على «هداية» وساطة السلطنة وأن الطريق للسلام في فلسطين والمنطقة يمر من عمان هذه المرة وليس من صواريخ المقاومة.. وكل ما هنالك أن دخان القضية الفلسطينية ما بين السلطان قابوس ونتنياهو هو محاولة لتمرير فيل صفقة القرن من خرم تشريع آخر البوابات الخليجية أمام نتنياهو… تصفق السعودية.. فشبح الخاشقجي ضاع وسط الغمامات الممتدة الى أجل اميركي وربما تركي مسمى ابتزاز المملكة…
يخفي الجميع نياتهم وراء حرائق الأوراق لكن خيالاتهم تبقى واضحة لدمشق وموسكو فأردوغان الذي يشرع له وزير حربه احتلاله للعراق وسورية بحجة الارهاب تراه دمشق جلياً وسط ضبابية القمة الرباعية واتفاق ادلب.. وتتهيأ لأن تنقلب في كل لحظة.. دمشق ترى جيداً.. لذلك خرجت وسط حرب الدخان هذه والتلميحات لتقول للمبعوث الأممي ولكل من يطرق بابها السياسي بأن الدستور شأن داخلي سوري.. سواء صعد أردوغان الى القمم الرباعية.. أم عاد ترامب الى مستنقعات داعش.
كتبت عزة شتيوي
التاريخ: الأثنين 5-11-2018
رقم العدد : 16828