بعنجهية الثري الأزعر.. وبحنق المهزوم أفرغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب جام غضبه وحقده على الصحافة الأميركية.. فأخذ يكيل اتهامات الخيانة والكذب عليها.. وأوسع صحفييها الكثير من الشتائم.. في مؤتمر يقال عنه أي شيء الا «صحفي».
بعيداً عن الدبلوماسية و» كياسة المنصب» لم يستطع ترامب إخفاء انزعاجه من هزيمة حزبه أمام منافسه الديمقراطي في الانتخابات النصفية «النواب».. فكان صدره أضيق من ثقب ابره، الأمر الذي منعه من تقبل أسئلة يبدو أنها وضعته في خانة «اليك»، فلم يرى مخرجاً الا بالسباب والشتائم، فكان كل ذلك منعكسا لهزيمته في تلك الانتخابات، ومنعكسا لحقيقة رئيس غير قادر على تقبل حقيقة واقع مر يعيشه، ظانا بأن إدارة البلاد، والتعامل مع السياسات الخارجية، وكأنها إدارة شركة من شركاته والتعامل مع منافس في بازار العقارات.
هيجان ترامب بتلك الطريقة التي ظهر بها في المؤتمر الصحفي عقب نتائج الانتخابات النصفية لم تكن اعتيادية، وإن لم تكن كذلك بالغريبة على شخص مثل ترامب.. فالرجل يعي حقيقة أن يسيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، أي أن يتم تكبيل عمله في النصف الثاني من ولايته حتى العام 2021، ويُحد من طموحاته التشريعية، ويُكبل تعهداته سواء بخصوص الهجرة أو سياسته الضريبية والتجارية.
ما حصل بين ترامب وجيم أكوستا وأبريل رايان وياميش ألكيندور ليس الوحيد أو البداية لاسلوب الشتائم والفضائح التي يستخدمها الرئيس الأميركي في تعامله الآخر.. أليس هو من وصف منافسته هيلاري كلنتون بأفظع الصفات، ودفعت بالكثير من المراقبين للقول بأن شتائم ترامب وكلينتون جعلت الحملة الرئاسية الأقذر في التاريخ الأمريكي؟.
أعتقد أن الحكاية تتجاوز كلمات سباب وشتائم، فهي تتعداها الى قصة مبدأ وأخلاق عامة، الى عقلية لا يمكنها الخروج من مبدأ الفوقية والــ» أنا».. لتتجاوز في تطبيقها جدران البيت الأبيض الى الشارع الأميركي، وصولاً الى التعامل مع العالم بأجمعه، ولتثبت فكرة أميركا العنصرية الاستبدادية، أميركا رعاة البقر، لتذكّر الجميع بعقلية الأميركي منذ أيام الهنود الحمر، وجرائم لايمكن لاحد أن يمحيها من ذاكرة التاريخ، فكم من شخص «هندي أحمر» بنظر ترامب؟.
منذر عيد
Moon.eid70@gmail.com
التاريخ: الأثنين 12-11-2018
رقم العدد : 16834
السابق
التالي