يترنّح اتفاق سوتشي الذي توصلت إليه موسكو مع أنقرة قبل أكثر من شهرين لإقامة منطقة منزوعة السلاح وخالية من الإرهاب في محيط محافظة إدلب التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية المدعومة من تركيا، تحت وقع انتهاكات تلك التنظيمات واعتداءاتها المتكررة ضد المناطق المجاورة.
هذا الاتفاق الذي أعلن في حينه من قبل موسكو ودمشق، أنه مرحلي ويهدف إلى إخلاء المنطقة من السلاح الثقيل الذي تمتلكه الجماعات الإرهابية، لم يكتب له النجاح حتى الآن، ومهما حاولت السلطات التركية الإيهام بأنه جرى تنفيذ الاتفاق، فإن الوقائع تثبت العكس.
فمنذ إعلان الاتفاق والجماعات الإرهابية تخرقه وتشن عمليات إرهابية ضدّ الجوار بـ”الهاونات” والصواريخ ومحاولات التسلل التي صدها الجيش العربي السوري سواء في حلب أم في ريف حماة الشمالي وريف اللاذقية.
لا شكّ أن أصابع الاتهام في عدم التنفيذ تشير إلى نظام أردوغان الذي تعهّد بضبط إرهابييه وإخلاء منطقة بعمق عشرين كيلومترا من السلاح الثقيل، وقد أشارت موسكو إلى فشل تركيا في تنفيذ تعهداتها بموجب الاتفاق واستدعت وزير دفاع أردوغان إلى سوتشي لأنها بدأت تعتقد أن الوضع في إدلب لم يعد يحتمل، وأن التفاهمات التي ضبطت الوضع في المحافظة حتى الآن بدأت تتهاوى أمام استمرار التنظيمات الإرهابية بالاعتداء على المناطق المدنية المحيطة.
ليس هذا فحسب بل إن المعلومات المؤكدة التي تخرج من إدلب عن نقل التنظيمات الإرهابية لمواد الكلور السامة تمهيداً لاستخدامها واتهام الجيش العربي السوري تثير قلق موسكو.
الدول الغربية تريد أن يتحول اتفاق إدلب إلى اتفاق دائم لحماية الإرهابيين وتشجيعهم على مواصلة إرهابهم ضد الدولة السورية، وقد عبرت كل من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا عن هذه الآمال الخبيثة في جلسة مجلس الأمن أمس.
لكن الحكومة السورية التي مارست حتى الساعة ضبط أعصاب منقطع النظير إفساحاً في المجال للجهود الروسية في إحراز تقدّم، أكدت أنها ستستعيد إدلب سلماً أو حرباً وهي تفضل طريق السلم، لكنها لن تستطيع أن تصبر طويلاً مع استمرار الإرهابيين في اعتداءاتهم وإجرامهم.
ومما لا شكّ فيه أن غرف عمليات الجيش العربي السوري تضجّ بالحركة والتنسيق، وفي حال فشلت الجهود الرامية إلى تجنيب إدلب عملية عسكرية، وخصوصاً مع مواصلة التنظيمات الإرهابية انتهاك الاتفاق، فالجيش حاضر ومستعد واليد على الزناد.. فالإرهاب لا تحكمه تفاهمات.. بل تحكمه بندقية وإرادة جندي نذر نفسه للوطن.
إضاءات
عبد الرحيم أحمد
التاريخ: الأربعاء 21-11-2018
الرقم: 16841