من ليس معنا فهو ضدنا, الجملة الشهيرة التي أطلقها جورج بوش الابن ذات يوم, هي ذاتها بصيغة أكثر وضوحاً وعلانية ينفذها ترامب, من ليس يشعل الحرائق معنا, ويراكم حطبها, فنارنا سوف تصليه, الأمر ليس عادياً ولا هو بالمزحة, ولا تهديداً كلامياً, إنما ممارسات فعلية على أرض الواقع, والحرائق التي تزداد اتساعاً من الشرق إلى الغرب, ومحراك الشر الأميركي أضرمها ذات يوم, وجاء ترامب ليفعلها أكثر فأكثر, هي المشهد الذي يتسيد الأحداث, وكلها ضمن رؤية أقل ما يقال فيها إنها استثمار الشر لحصاد وجني المزيد من الأرباح, وممارسة الزعامة كشرطي للعالم, لايعمل على حل مشكلة ما, في أي منطقة إنما يسعى إلى تسعيرها.
من التأجيج ضد الصين إلى كوريا, إلى ما يجري قرب الحدود الروسية, وما هو كائن من دعم للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط, والعمل على فك حبل المشنقة ولو كانت معنوية عن رقبة الطاغية ابن سلمان الذي عاث فساد وقتلاً, وسخر مقدرات بلاده كلها للمزيد من الحروب, والعمل من أجل حماية الكيان الصهيوني, والدفع بما سمي صفقة القرن لتكون واقعاً لا يمكن الخروج منه.
هذه الخطايا التي ترتكز على دعم شرطي البيت الأبيض لم تؤت أكلها, وانقلب السحر على الساحر, ثمة وعي حقيقي بدأ يترسخ ويظهر, والصورة الحقيقية الشوهاء للشرطي والطاغية ابن سلمان تتكشف كل يوم, ولا يمكن لأي قوة في الأرض مهما كانت وعملت أن تنظفها من الدنس, الشعب العربي في دول المغرب ينتفض بكل قوة ضد زيارات ولي عهد مملكة الرمال المزعومة, وهذا ليس أمراً عادياً ولا عابراً, وعلى الرغم من كل ما ضخه ترامب من تصريحات لعلها تكون قادرة على فعل شيء ما لتحسين صورة ابن سلمان, لكن النتائج على أرض الواقع عكس ما يعملون من أجله, هذا الوعي المتبلور لم يكن ليظهر بهذا الوضوح لولا الصمود السوري والانتصارات التي يحققها الجيش السوري, وتثبيت الدعائم بوعي حقيقي, نراه على امتداد الساحة العربية.
ومن البيت الأبيض إلى كل بقعة يريد أن يشعل الحرائق فيها, لا يمكن لهذه النار التي يضرمها إلا أن ترتد لتصل إلى حقله, وما يجري في فرنسا وغيرها ليس عابراً, وربما يدفع هذا إلى الهروب نحو حماقات كبرى, لكن ثمة من يفتح فوهة النجاة لإطفاء نار تستعر.
كتب ديب علي حسن
التاريخ: الثلاثاء 27-11-2018
رقم العدد : 16846