مع أن الحكومة السورية فتحت نوافذ وأبواب الحل السياسي على مصراعيها منذ بداية الأزمة، بهدف تسهيل طريق المبادرات وتذليل العقبات، إلا أن الأطراف الداعمة للإرهاب حرصت ولا تزال على وضع العراقيل في وجه أي حل يتم طرحه وخلق الصعوبات، بل مراكمتها، في وقت أكدت فيه الدول الحليفة على التزامها القوي بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة الأراضي السورية، ومحاربة التطرف وجميع الأعمال التي من شأنها تقويض أمن البلاد واستقرارها.
ومع عودة الأطراف الفاعلة بالأزمة في سورية إلى لقاءات آستنة، ينتظر السوريون بفارغ الصبر ما سيتمخض عنه الاجتماع الذي أعقب اتفاق سوتشي ولم تلتزم به العصابات الإرهابية، وكان جل همها نقضه عبر الخروقات الكثيرة والاعتداءات على المناطق التي من المفروض أن يشملها الاتفاق، و استدعت بذلك رد الجيش العربي السوري القوي عليها.
رغم التجييش الدولي لإطالة أمد الحرب وعمر الأزمة في سورية، فالأوضاع ليست بحاجة لكل تلك السنوات ليأتي الحل ويعم السلام، لكن المعسكر المعادي يتوق في كل مرة من أجل العودة إلى أشهر الحرب الأولى، معللاً عصاباته بتحقيق ما أخفقوا فيه سابقاً، وتراه ينفخ في رماد سقوطهم وتقهقرهم باحثاً عن جمرة صغيرة لتسعير النار من جديد، ويفاجأ في كل مرة بالرياح السورية التي تقذف الجمر والرماد معاً، وتبعثر الأوراق التي يراهن عليها أولئك لتذهب في مهب النسيان.
الجميع اليوم ينتظر من اجتماع آستنة تفكيك تنظيم جبهة النصرة الإرهابي وما يشبهه، وتهيئة الأجواء لمرحلة ما بعد الانتهاء من التنظيمات التكفيرية في محافظة إدلب وما حولها، ورسم خارطة طريق للمواجهة المحتملة في أماكن أخرى في ظل وجود تهديدات شرق البلاد، لكننا نرى من أصرت أميركا وتركيا من بعدها على تصنيفهم بـ»المعتدلين» جر البلاد إلى مشكلات جديدة، لا تعبر في الحقيقة عن واقع السوريين وما يرغبونه، لأنهم أبعد ما يكونون عن معرفة واقع الشعب ومعاناته، وبالتالي فالعراقيل الموضوعة والعقبات المصطنعة ليست إلا رغبات أميركية وأمنيات إسرائيلية وأضغاث أحلام تركية، يسعى أولئك لتنفيذها وإرضاء ساداتهم بها.
المستفيد الوحيد من القبول بالحلول المطروحة هم التنظيمات الإرهابية ورعاتها، لأنهم سوف يحمون أنفسهم من ضربات الجيش التي ستكون أقوى مما يتصورون، ولم يعرفونها لا في جنوب سورية، ولا حتى وسطها أو في أي مكان آخر.
حسين صقر
huss.202@hotmail.com
التاريخ: الخميس 29-11-2018
رقم العدد : 16848
السابق
التالي