فرنسا تستنجد بـ«الطوارئ» ودعوات لانتخابات مبكرة عدوى «السترات الصفراء» تجتاح أوروبا.. وبروكسل السبت القادم
أوروبا على صفيح ساخن، بفعل الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في فرنسا وامتدت إلى هولندا، وستمتد إلى بروكسل السبت القادم، وباتت تهدد باجتياح القارة العجوز التي ابتدعت تلك الاحتجاجات في الكثير من البلدان العربية والأجنبية، واستثمرتها لتحقيق مصالحها العدوانية على حساب الشعوب المستهدفة.
الغرب الذي يتشدق دائما بالحرية والديمقراطية، يفشل اليوم بترجمة شعاراته الرنانة، ويواجه المحتجين بالقمع والغاز والرصاص المطاطي، كما حدث في باريس أول من أمس، ولا عجب أن يصف الرئيس الفرنسي وحكومته المحتجين بحفنة مشاغبين، حيث سبق لرئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد ماكرون وأن أظهر زيف الاحترام الغربي لحريات التعبير عن الرأي، عندما اجتاحت الفوضي ضواحي لندن قبل بضع سنوات، فقال مقولته الشهيرة: عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي فلا تحدثني عن حقوق الإنسان.
فغداة الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس للتنديد بزيادة أسعار الوقود وغلاء المعيشة، وواجهتها الشرطة الفرنسية بالقمع وإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت وخراطيم المياه، ما أدى إلى إصابة 133 شخصا واعتقال 412 آخرين، تدرس الحكومة الفرنسية فرض حالة الطوارئ للحيلولة دون تكرار ما حصل في باريس، فيما أعلنت حركة «السترات الصفراء» تنظيم مظاهرة جديدة يوم السبت المقبل في العاصمة البلجيكية بروكسل، ضد ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف المعيشة، لينضموا إلى المظاهرات التي بدأت في فرنسا قبل أسابيع.
فقد أعلنت الحكومة الفرنسية أمس أن جميع الخيارات مطروحة، بما في ذلك إعلان حالة الطوارئ في البلاد، للتعامل مع الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة باريس ورافقتها اشتباكات مع الشرطة.
وأكد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية بنجامين غريفو في حديث إلى محطة إذاعة «يوروب1» الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحث مع رئيس الوزراء إدوار فيليب ووزير الداخلية كريستوف كاستانير الإجراءات الواجب اتخاذها لاحتواء الأزمة، بما في ذلك إمكانية إعلان حالة الطوارئ في البلاد.
وكان وزير الداخلية قد أعلن مساء أمس الأول عن استعداده لدراسة إمكانية فرض حالة الطوارئ في البلاد من أجل تعزيز الأمن، تلبية لطلب عدد من النقابات والشرطة.
وقال الوزير في حديث إلى شبكة «بي اف إم تي في»: ندرس جميع الخطوات التي ستتيح لنا فرض مزيد من الإجراءات لضمان الأمن.. كل ما سيسمح بتعزيز ضمان الأمن.. لا محرمات لدي، وأنا مستعد للنظر في كل شيء.
ووصف كاستانير المتورطين في أعمال العنف التي رافقت الاحتجاجات بأنهم «من مثيري الانقسام والشغب» على حد زعمه، مؤكدا تورط نحو ثلاثة آلاف شخص في المخالفات، وهذا العدد الضخم جعل تدخل قوات حفظ النظام أصعب حسب قوله.
وشدد الوزير على أن السلطات حشدت كل وسائل الشرطة والدرك والأمن المدني في مختلف مناطق البلاد، بمن فيهم 4600 من عناصر الأمن في العاصمة باريس.
وأكد الوزير أن 205 أشخاص على الأقل أصيبوا جراء الاحتجاجات، بينهم 20 شرطيا، ولا يزال أحد المحتجين الجرحى في قسم العناية المركزة.
وكان محتجون من ذوي السترات الصفراء قاموا أمس الأول بإحراق السيارات ورمي الحجارة على الشرطة احتجاجا على سياسات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووصفوا حكومته بأنها لا تهتم بمشاكل الناس العاديين، فيما ردت الشرطة بالقمع وقنابل الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه وأغلقت عشرات الشوارع ومحطات مترو الأنفاق أثناء محاولتها احتواء الاحتجاجات التي بدأت بسبب زيادة الضرائب على أسعار الوقود ثم اتسعت لتشمل جملة من المطالب المتعلقة بارتفاع تكاليف المعيشة في فرنسا.
وامتلأت صباح أمس الطرق الرئيسية في باريس بالقرب من قوس النصر والشوارع المحيطة بشارع الشانزليزيه الشهير وحديقة التويلري بأكوام من الحطام والسيارات المحروقة بينما حمل قوس النصر العديد من الكتابات المرشوشة على جدرانه والتي قالت إحداها «ستنتصر السترات الصفراء».
من جهته دعا زعيم الجمهوريين لوران فوكييه مجددا إلى استفتاء حول السياسة البيئية والضريبية لماكرون فيما طلبت زعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي المعارض مارين لوبان لقاء ماكرون مع زعماء الأحزاب السياسية المعارضة.
ودعت لوبان إلى حل الجمعية الوطنية الفرنسية وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة على خلفية موجة الاحتجاجات.
وقالت لوبان في سلسلة تغريدات نشرتها على حسابها الرسمي في موقع «تويتر» أمس: من الضروري تطبيق نظام الانتخابات البرلمانية القائمة على التمثيل النسبي وحل الجمعية الوطنية لإجراء انتخابات برلمانية.
وأضافت لوبان: إن الفرنسيين يريدون عدالة ضريبية لكنهم يرون بدلاً من ذلك ارتفاعاً في حجم الضرائب التي يدفعونها في الوقت الذي يحصل فيه ميسورو الحال على الهدايا.
إلى ذلك دعا زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور إلى تشكيل لجان حول القدرة الشرائية للمواطن الفرنسي وطالب السياسي بونوا أمون بإطلاق حوار وطني مع «السترات الصفراء» والنقابات والمنظمات غير الحكومية حول القدرة الشرائية وتوزيع الثروات وعملية الانتقال البيئية.
وأشاد جان لوك ميلانشون زعيم حركة «فرنسا المتمردة» بحراك المواطنين الذي يثير مخاوف ماكرون والأثرياء داعيا الى إعادة فرض الضريبة على الثروة.
ولأكثر من أسبوعين أغلق محتجو «السترات الصفراء» الطرق عبر فرنسا في مظاهرات عفوية وشعبية ضد سياسات ماكرون وإجراءاته الأخيرة بما فيها زيادة الضرائب وارتفاع تكاليف المعيشة.
إلى ذلك أعلنت حركة «السترات الصفراء» أمس، تنظيم مظاهرة جديدة يوم السبت، المقبل في العاصمة البلجيكية بروكسل، ضد ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف المعيشة، لينضموا إلى المظاهرات، التي بدأت في فرنسا قبل أسابيع.
وبحسب وكالة الأخبار البلجيكية، فقد «أعلنت السترات الصفراء عن مظاهرة جديدة احتجاجا على رفع أسعار الوقود، المظاهرة ستكون في العاصمة بروكسل في 8 كانون الأول» .
وأضافت الوكالة، أن الاحتجاجات ستتواصل ما بين 10 إلى 22 ساعة»، مشيرة إلى «أنه حتى هذه اللحظة هناك عدة مئات أعلنوا عزمهم على المشاركة».
وكالات – الثورة
التاريخ: الأثنين 3-12-2018
رقم العدد : 16851