يناور جناحا الإرهاب الأميركي والتركي في اللحظات الأخيرة من عمر الحرب الإرهابية على سورية، للخروج ولو بالحد الأدنى من المطامع والمكاسب السياسية التي يتوهمان الحصول عليها، بعدما فشلت كل المخططات العدوانية المرسومة لسورية وشعبها، حيث يلعب الأميركي اليوم بورقة انسحاب قواته المحتلة، وإعطاء أدواته مهمة استكمال دعم الإرهاب، لفداحة الفشل الذي منيت به سياساته، فيما يتراقص ضامن الإرهابيين التركي على أوتار التهديد والوعيد بشن عدوان جديد على شرق الفرات، لتبقى ادلب بمنأى عن أي عمليات حسم في المرحلة الراهنة، ريثما يعزز إرهابيو النصرة وداعش انتشارهم في المحافظة، تمهيدا لتوسيع اعتداءاتهم على مواقع الجيش العربي السوري، والمناطق السكنية المحيطة بالمنطقة المتفق عليها بموجب اتفاق سوتشي.
أميركا لم تثبت يوما أنها مع الحل السياسي حسبما تدعي، والوقائع الميدانية لم تثبت كذلك أنها تحارب داعش، كما تزعم، وإنما على النقيض تماما ، وقرار انسحابها ربما يكون له أهداف عدوانية ستتكشف تبعاته لاحقا، فهذا القرار ورغم أنه يشير إلى هزيمة المخططات الأميركية، ولكنه يثير في الوقت نفسه التساؤلات حول النيات الأميركية المبيتة، حيث لا يمكن الركون للعهود الأميركية، فغالبا ما تعقبها تصرفات أكثر خبثا، فهي دائما تسعى لتأجيج الأوضاع، وإعادة خلط الأوراق كلما اقتربت الأمور من التهدئة، وربما تعمل الآن على سياسة تقطيع الوقت إرضاء لأجرائها في أنقرة والرياض، حتى لا تخسر الاستفادة من كارهم الإرهابي لمصلحة أجنداتها المرسومة لسورية والمنطقة في آن.
وحسب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتغريداته «التويترية»، فهو يريد للأدوات أن تأخذ دور بلاده لاستكمال النهج التقسيمي، ومحاولة منعه من الوصول إلى الطريق المسدود كما في المرات السابقة، فأعطى الضوء الأخضر لتابعه أردوغان ليشن العدوان المحتمل على شرق الفرات، وأصدر تعليماته لأجيره السعودي كي يصرف الأموال لما أسماه إعادة إعمار سورية، وهذا يعني أن أميركا تسعى لمزيد من الفوضى لإغراق المنطقة أكثر في حالة عدم الاستقرار عبر محاولة فرض المخطط التقسيمي برعاية أميركية، ومشاركة النظامين التركي والسعودي، إلى جانب الكيان الصهيوني بطبيعة الحال.
أقطاب منظومة العدوان لا يزالون يتوهمون أن باستطاعتهم إحداث تغيرات في المعادلات الميدانية، والإقليمية على حد سواء، من خلال عكازهم الإرهابي، ولا يريدون التعلم من أخطائهم السابقة، وبدل إعادة حساباتهم، فهو يركبون رؤوسهم في الاستمرار بدعم الإرهاب وخلق المزيد من الفوضى لتحقيق أطماعهم التوسعية، ولكن ما عجزوا عنه طيلة السنوات الماضية من حربهم المسعورة ، لن يستطيعوا تحقيقه في قادم الأيام،ومهما تمادوا في جرائمهم ودعمهم للتنظيمات الإرهابية، فاستقلال سورية وسيادتها، ووحدة أراضيها، ولحمتها الوطنية، ستبقى مصونة، ومحرمة على كل غاز ومعتد.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 26-12-2018
رقم العدد : 16870