على غير ما توقع وتمنى أغلبية السوريين لم تحمل نهاية العام الحالي نهاية لمسلسل الأزمات المعيشية التي تتصاعد ولا يبدو مع إشراقة قريبة جداً لعام جديد أي بوادر لإعلان نهاية لها، خاصة في ظل التخبط والعشوائية في العمل وضياع بوصلة الأولويات لدى أغلبية الوزارات والجهات العامة واستمرار حقبة أدبيات العمل التقليدية التي لم تعد تصلح للمرحلة الحالية كما أكدت الحكومة بنفسها ذلك.
لذلك لم يكن مفاجئاً أو مستغرباً من جلِّ الشارع السوري أن تعود انقطاعات التيار الكهربائي في أغلب المحافظات ولساعات طويلة، وأن تتراجع الخدمات لمستويات كبيرة وتتدنى نوعية الخبز وتحصل حالات ازدحام على الأفران ويتحكم الباعة بسعر الربطة التي تجاوزت الـ 200 ليرة، وأن ينتظر البعض ساعات حتى يتمكنوا من تبديل جرة غاز، ناهيك عن الارتفاعات الواضحة في أسعار أغلبية المواد والسلع خاصة الغذائية منها ولا يمكن أن ننسى تلك المشاهد المؤسفة لانتشار موسم خير الحمضيات وغيرها من المواسم على الأرض دون أن تجد سبيلاً فاعلاً لتصريفها.
ولأصحاب القرار أن يعلموا أن آخر ما يرغب المواطن بمثل هذه الظروف الصعبة ويشغل تفكيره بكيفية تمضية الشهر والحفاظ على كرامته من السؤال والحاجة بمشاهدة ومتابعة المزيد من الاجتماعات المكررة التي لا تغني ولا تثمن من جوع، ما يحتاجه وبح صوته وهو يطالب به المتابعة والتقييم والمحاسبة لكل مقصر أو متقاعس عن ترجمة توجهات واضحة من القيادة السياسية غالباً ما تلقَّم للمسؤولين بالملعقة للارتقاء بخدمة الناس وتسهيل إجراءات حياتهم في مختلف المجالات لأن من صمد وضحى بأغلى ما يملك يستحق أن يكون في أولوية الاهتمام والرعاية والدعم الحكومي.
وكما هو معروف للجميع فإن ساعات العمل الطويلة والاجتماعات المارتونية وإن كانت تضيء على واقع وطريقة العمل بشكل مباشر وقد تفضي لقرارات وحلول تعالج قضية هنا أو هناك إلا أنها في ميزان المواطن خاسرة إن لم يلمس نتائج عملية ومريحة لها على الأرض وخير شاهد على ذلك حالات الصفن الطويلة التي يحتاجها المواطن لدى سؤاله عن أهم أداء أو قرار أو خدمة تميزت بها وزارة عن أخرى كما يحصل عادة في نهاية كل عام عبر استطلاعات إعلامية.
مرحلة الإدارة اليومية ولت والمرحلة الحالية تتطلب أعلى درجات المسؤولية والتخلي عن آليات وبرامج تنفيذية قاصرة الرؤية والأهداف للانطلاق نحو الأفكار والمبادرات الخلاقة والمنتجة وتوفير كل مقومات ترجمتها وقطف ثمارها وهذا أمر متاح وليس مستحيلاً.
هناء ديب
التاريخ: الخميس 27-12-2018
الرقم: 16871