حسابات المتوحشين

دخلوا سورية بأشكال متعددة ووجوه لا تشبه البشر إلا بسيماها، أنفقوا المليارات وأَوْغَلوا في توجيه أبواق الصحافة لإقناع العالم أن ما يحدث في سورية ثورة، لاستبعاد نظرية المؤامرة، صمدت سورية ورسمت معالم انتصارها وجودياً، بهزيمة توحشهم غير المسبوق.

كل من حاربَنَا أغراباً ومستعربين تقطر أنيابهم من دماء السوريين، اليوم عندما سقطت رهاناتهم، ،ارتد معظم الإرهاب إلى مواضع إنتاجه، بعد القضاء على الكثير من متزعميه ومن جماعاته المأفونة، فبدؤوا بإعادة حساباتهم المتذبذبة على أوراق تقويمهم، حيث حُرِقَتْ أهدافهم.‏
أين من ادعوا أنهم معارضون للدولة السورية، بائعو ضمائرهم وأنفسهم بكليِّتها في سوق النخاسة، المتكئون على عروش الدولار الممرغ برائحة النفط الذي أصبح مُلكاً لترامب، بفخر يتبارون فيه لتدمير بعضهم، وهم المتحالفون يوماً على دم الشعب السوري، ساء ما يحسبون.‏
تكسرت قرون الثور على الصخرة الصلدة سورية.. وإن كانت قد تركت بعض آثارها عليها من كثرة النطح وشدته، المعارضة الخارجية انهزمت بعد تخلي مشغليها، تشرذموا؛ كم تبدلت هياكلهم، فضحت سرقاتهم، نهشوا لحم بعضهم، حتى أصبحوا ريشاً يتراقص في مهب الرياح.‏
تركيا أردوغان مقر الفارين، حيث لا فكر بل شراهة للدولار، سَرَقَتْ النفط والمعامل السورية، احتضنت وحمت الإرهابيين وسربتهم إلينا، يتحمل أردوغان وزر دماء السوريين، بعد تعويم الحلفاء له، ليكون مفاوضاً باسم المعارضة، ها هو يتخبط بين نار الرفض، وبرد القبول.‏
ترامب الذي ورث من أوباما الحرب على سورية، أدخل جنده إلى قواعد استلبها من الأرض السورية، طائرات تحالفه ضربت غير مرة مواقع جيشنا، يليها اعتذار على أنها أخطأت الأهداف، سوء تقديرهم واضح، عادةٌ لم تشترها، وما زالت تضرب المدنيين بحجة الإرهابيين.‏
حكام البيت السعودي ساهموا في تصدير الإرهابيين، بعد تدريبهم في معسكرات على أقرب نقاطٍ؛ توصلهم لسورية عبر الأردن، أنفقوا عليهم بسخاء من بيت المال، ما لم ينله أبناء شعبهم المعدمين، فهم الأكثر تورطاً بدم السوريين وتدمير سورية، بتنفيذهم لفائض القوة الأمريكية.‏
أما قطر فمن لسان من حكموها ــ في بداية زمن الحرب على سورية ــ ينطبق عليها ما كان من السعوديين، إضافة إلى أنها كانت موطئ التحريض الإعلامي، ورغم إنفاقها المليارات لهدم سورية حيث لاوعي، تصدى لها الإعلام السوري حتى أصبح مصدر المصداقية الوحيد.‏
أما من كنا نعتبرهم أشقاء طبيعيين؛ تخلوا عنا منذ بدايات ما دعي بالأزمة السورية، فبدل أن يعينوا سورية وشعبها على حلها، جمدوا عضويتها في ما هي مُؤَسِسَة لما يسمى (الجامعة العربية) التي تحولت أشبه بالعبرية، رغم تَكَشُّفِ أنها حرب موصوفة قادتها أمريكا ضدها.‏
أما المواقف الأوربية فمتباينة ولا عتب، بعد موقف العربان، إدارة أمريكا كانت مهماز الشر وسفارتها في دمشق هي مكتب تنسيق الحرب على سورية، وتحريك أدواتها البشرية (المعارضة)، استخباراتها أدارت عمليات الحرب بلا مشاعر وباستخفاف من غرفة موك.‏
بعد صمود سورية على مدار سنوات ثلاث، وتشبثها بقائدها في مظهر انتخابي أدهش العدو والصديق، أدرك العالم كله أن متغيرات عالمية ستكون سورية محورها، انتصار صمم عليه السوريون ما جعل الحلفاء يقفون معها ضد الإرهاب، وانتصرت بعد سنوات سبع عجاف..‏
الكل يعيد حساباته الآن، الدول العربية تخطب ود سورية، وكذا بعض الغربية رغم اشتعال الشارع في معظم الدول على ذات السيناريو السوري، وإن اختلفت آراء السياسيين في تحديد المشاهد، إلا أن الصورة تتضح على تطابق تطور الحراك الشعبي حتى بدايته المطلبية.‏
أردوغان رغم تورطه بالحرب على سورية وغزو قواته لأراضيها، وتعليله بأن نيته في التوجه لشرق الفرات، هو لدحر قوات (قسد) التي يعتبرها عدوة له، رغم تبني ودعم أمريكا فيصطنع جفاءً تركياً أمريكياً، ناتجه تخلي أمريكا عنها لفتح جبهة صراع جديدة في سورية.‏
تركيا جزء من الناتو، ذراع في الشرق لا تستغني عنه مرتكزات الإدارة الأمريكية، تتخلى أمريكا عن قسد، بلا ضمانات كعادتها لتتركها في مواجهة تركيا، غير آسفة عليها، بتسليم أمريكا مواقع قواتها لتركيا، منعاً لحدوث فراغ بحجة توكيلها بالقضاء على بقايا داعش.‏
تركيا دولة محتلة لـ (عفرين) وتتطلع لمنبج، تعلن زحفها لشرقي الفرات، تتمهل بعد عطاء أمريكا ذات الوجود غير الشرعي على الأرض السورية، التي لا ترغب بعد حرب العراق دفع فاتورة بشرية، لأنها تعلم تماماً أن المقاومة السورية ستواجهها، لتستعيد سيادتها.‏
إعلان ترامب سحب قواته لا يعني أن لديه رؤية لحل سياسي في سورية، ضبابي رغم توقيع البنتاغون على قرار الانسحاب، توقيع للتنفيذ دون أي مظهر واضح على الأرض، انسحاب بطيء ومنسق مع تركيا تعطيها باتريوت 80 و اف 35 دون تخلي أردوغان عن إس 400‏
خسارة الأمريكي التي تتضح للعالم، تعني خسارة أردوغان لذا هو يستبق لما يحفظ ماء الوجه، معلناً أنه سيبني موقفه من سورية لاحقاً، ويعلن جاويش أوغلو أن فرنسا لا حاجة لها في التحالف والتواجد في سورية إن كانت تدعم الكرد.‏
أما وحدة الأرض السورية فمسلمةٌ؛ أصبحت يقيناً واقعاً بعد انتصار سورية، وأن تحرير إدلب وشرق الفرات؛ مسألة وقت، وإن كان هاجس أمريكا ترامب لا ينتهي، رغبة أن تبقى الفوضى في سورية إلى ما لا نهاية، فتسليم مواقعه لتركيا يعني بداية صراع جديد فيها.‏
رغم أن انسحاب القوات الأمريكية من الأرض السورية، يقلق الصهيوني المحتل، ويغيظه شبه التخلي الأمريكي عنهم، إلا أنه علينا ألا نغالي في التأثير المباشر على سياسة الكيان، والرعاية الأمريكية له، فأمريكا لن تتخلى عن دورها العدواني رغم صفاء المناخ السوري.‏
غزل عربي وغربي لسورية، وتوجه لعودة بعض السفارات، وتوجيه ترامب للسعودية بأنها الأقرب للمشاركة في إعمار سورية، تحول أولويات أمريكا لشرق آسية، تغير العلاقة التركية السعودية، اعتراف أمريكي بانتصار سورية وقائدها، يثبت أنها غيرت سياسات العالم.‏
السؤال المشروع أليس من استراتيجية عالمية للتوجه لصناعات بعيدة عن صناعة السلاح، لأن تكدسه يأخذ بالعقل الاستعماري لحروب تدمر دولاً عامرة تطور ذاتها، ثم تبدأ النداءات لإعادة إعمارها، لم التدمير للتحول للإعمار، ببساطة عقل استعماري، حسابات المتوحشين!‏

 

شهناز فاكوش
التاريخ: الخميس 27-12-2018
الرقم: 16871

آخر الأخبار
أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء منغصات تعكر فرحة الأطفال والأهل بالعيد تسويق 564 طن قمح في درعا أردوغان: ستنعم سوريا بالسلام الدائم بدعم من الدول الشقيقة تعزيز معرفة ومهارات ٤٠٠ جامعي بالأمن السيبراني ضيافة العيد خجولة.. تجاوزات تشهدها الأسواق.. وحلويات البسطات أكثر رأفة عيد الأضحى في فرنسا.. عيد النصر السوري قراءة حقوقية في التدخل الإسرائيلي في سوريا ما بعد الأسد ومسؤولية الحكومة الانتقالية