كأنها ماغادرت أبدا.. كأن الوقت والزمن تحنطا.. كأن الاصدقاء جميعهم هنا, لم يغادروا, جميعهم يجلسون على الشاطئ الرملي يأخذون قسطا من الراحة سرعان ماينفلتون صوب البحر غافلين عما مضى.. لامبالين بما سيأتي..!
كلما سارعت باتجاه البحر.. يزداد حضورهم.. ويعلو صوت ضحكاتهم..
لم تشعر بلسعات البرد.. حتى صخب المطر لم يطرد شبح أفكارها الباردة..
مطر لم تعهده.. ينزل على المنازل كسيف يفكر بقطعها, تستغرب كيف تصمد في وجهه..؟
تحث الخطى مسرعة, تداري وجهها بقبعة, وتنزلق مسرعة نازلة باتجاه طريق بحري ضيق, تاركة
الطريق الرئيسي, تتعارك مع روائح البحر, وتشعر بالتحسن وهو يتكاتف معها طاردا شبح أي ذكرى..!
انت جديدة كليا.. تقنع ذاتها..!
بفتور تفتح الباب الصغير, لتمضي ليلتها الاولى فيه, مع انها اعتادت زيارة البحر في الاوقات الماطرة, الا انها المرة الاولى التي تفكر بالنوم قربه في هذا الجو العاصف..
بينما الكاميرا تدورفي المكان وهي تضحك بصخب, مرسلة بعض الفيديوهات تذكرهم بأكثر الامكنة اختمارا للذكريات..
كأننا تركنا كل شيء على حاله.. تجيبها صديقة..!
لو انك غادرت معنا.. هنا لمذاق البحر نكهة اخرى.. تقول لها أخرى..!
الصيف القادم سنكون في مكان لن تنسي وجه البحر بعدها ابدا.. تجيبها صديقة الطفولة المهاجرة..!
شعرت بملل شديد.. كانت تداريه منذ وقت طويل.. احتجت بصمت وأغلقت الكاميرا, وأقفلت هاتفها..
المطبخ الصغير.. لم يسلم هو الاخر من رائحة البحر النفاذة, بينما يغلي الماء, فتحت النافذة ليصفعها رذاذ بحري.. مذكرا اياها بكل ما تحاول الهروب منه.. هاهي تشعر بأنهم جميعا هنا.. تعد الشاي لهم..!
على انغام اغنية المطربة الفرنسية الرائعة, اديث بياف, «لاأندم»بدأت تتصفح رواية «طعام صلاة حب»للكاتبة الاميركية اليزابيث غيلبرت, بدأت تتداخل الأحاسيس, لم تفعل أي شيء.. لم تطرد أيا منها..
تركتها تنساب مع كلمات الأغنية الفريدة.. بينما يتسارع انهمار المطر.. كانت تبطئ من تسارع الأفكار, تخلصت منها على مهل.. أوقدت النار في ذكرياتها.. لم تعد تحتاج اليها بعد الآن..
ماإن أطل آخر صباح من عام لن نعيش أيا من لحظاته مرة اخرى.. حتى انتفضت مسرعة من رقادها.. اطبقت الباب الصغير بقوة, هاهي مستعدة لاستقبال عام جديد.. ستؤرخ معه كل اللحظات, محاذرة ألا تضطر في يومه الاخير الى ان توقد النار فيها مجددا..!
سعاد زاهر
soadzz@yahoo.com
التاريخ: الأثنين 31-12-2018
رقم العدد : 16874