ليس مهماً أن يرتدي الرئيس الأميركي ساعة يده وهو ينسحب من سورية.. ترامب الذي خلع كل أركان ادارته واسقط بالاستقالات نجوم البنتاغون.. يريدها هزيمة بلا توقيت.. ينسحب من التاريخ قبل أن ينسحب أمام دمشق.. يراوغ بزمن النهاية على الروزنامة الأميركية التي تتوه في تدوين الحدث..
مستشار الأمن القومي الاميركي بولتون ذهب لاسرائيل في المهمة نفسها.. تأكيد الهروب من سورية من دون ان تلسع عقارب الساعة وجه نتنياهو.. وتأكيد الشروط ايضا..
أليس من المضحك أن يطمئن بولتون اسرائيل بأنه سيضرب سورية إن استخدمت الكيماوي؟..المضحك أكثر ان يصدق نتنياهو..
هل خرج ترامب من سورية ليعود مرة اخرى؟.. مناورة اميركية من عيار استيعاب (تل ابيب)..
صواريخ التوماهوك لم تستطع يوما اعادة (الهيبة) الى الجيوش الغربية او حتى موازنة اقدام المارينز في المعادلة الميدانية السورية.. حتى الفوسفور الابيض وجرائم التحالف الدولي في «هجين» والمنطقة الشرقية كانت ضربة مرتدة كشفت حقيقة رداء التحالف حد العورة..
اذا لم يبق لترامب الا ان يفتح التوقيت امام الانسحاب.. لا يريد للقرار تاريخا ينافس في معاكسته احداث 11سبتمبر… يقفز فوق نقاط التحول الزمنية.. يهرول بعيدا عن شهادة التاريخ بسقوط ابراجه الارهابية في الشرق الاوسط.. قد يعطل ساعة البيت الأبيض حتى خروج آخر جندي اميركي من سورية.. لكن هل يستطيع الاميركي ان يوقف الساعة العالمية؟…
المؤرخ الفرنسي بير فيرميرين ذهب بعيدا عن نظرة ترامب الجزئية للزمن حين قال: (سيبقى في ذاكرتنا ذلك الانتصار العسكري لدمشق على واشنطن والغرب كله)….
صحيفة اللوفيغارو ابتلعت سم الحقيقة الفرنسية وراحت تزفر على صفحاتها (سورية نقطة نهاية الامبراطورية.. امبراطورية الفوضى في المنطقة)..
الجرائد هي ذاكرة الأوطان.. لعل الصحافة الفرنسية تحاول العودة الى تاريخها هي الاخرى لكن دون زمن الاليزيه الحالي.. وقد تهيىء مساحة لعنوان سقوط الرئيس الفرنسي كما سقط من السلطة قبله كل المتآمرين على سورية… من بقي منهم؟!
ماكرون وانجيلا ميركل يتأرجحان على مشانق الازمات والاحتجاجات.. الاتحاد الأوروبي كله معلق على مقصلة انهياره…
ما عادت قوة الاوروبيين في وحدتهم يوم كانوا حزمة معلقة بالقرار الأميركي… اليوم يخرجون اي الاوروبيون بقوميتهم من كل المعادلات (الايكست) هو هاجسهم الوحيد..
الغرب الجديد وليس الشرق الأوسط الجديد.. هل أخطأت كونداليزا رايس في عيارات تعويذتها…
أوروبا تدفع الثمن اكثر من اميركا.. لذلك كان ترامب الاكثر (شجاعة) في الاعتراف بالهزيمة.. قبض ثمن الهروب من سورية من جيوب حلفائه من حضورهم ومن غياباتهم.. كان جابي الضرائب حتى على احلامهم.. فأسقط بيد السعودية.. في حين احتار أردوغان…
هل يكفي الرئيس التركي تمزيق الورقة الكردية في سورية لحفظ ماء الوجه؟..هو لا ينتظر أن يمر من سوتشي ببابه العالي…
قد يغلق اردوغان باب حلم السلطنة من دون ان يستريح.. فريح الاقتتال بين فصائله في الشمال السوري أطاحت بآخر طرابيشه العثمانية…
لن يستطيع الرهان بعد على رأس النصرة.. فـ(هيئة التحرير) هي (حلال) مكافحة الارهاب في آستنة وعلى قوائم التصنيف الدولي للحركات المتطرفة..
لا ضير في انسحاب اميركي من سورية من دون تحديد للزمن.. ففي هذا الزمن السياسي من المؤشرات ما يكفي لنقول إن سورية انتصرت..
دمشق انتصرت على زمن الغرب بدءا من واشنطن وليس انتهاءا بالجامعة العربية التي تبحث هي الأخرى عن زمنها الضائع عند ابواب دمشق..
ليس الانتصار الاول ولا الاخير ننتظر نحن السوريون الكثير من الانتصارات وان حملنا بمقاومتنا السياسية والعسكرية كأس تتويج القطبيات الجديدة من ارضنا.. فروحنا الرياضية تنتظر ان نحمل كأس آسيا بأيدي وفرحة كل السوريين…
كتبت عزة شتيوي
التاريخ: الأثنين 7-1-2019
رقم العدد : 16878