لا عجب عندما يتنابز رعاة الإرهاب فيما بينهم، وليس جديداً أن ينعت كل واحد منهم الآخر بدعم الإرهاب، وخاصة على المنابر الإعلامية، وهم الذين أسسوا سوية التنظيمات الإرهابية في سورية، ومولوها وسلّحوها، ووضعوا خطط عملها بمختلف تسمياتها ولكل مرحلة بشكل منسق، وإن أظهروا للآخرين حالة عدم الاتفاق والاختلاف في هذا الشأن.
وهم العارفون أيضاً أكثر من غيرهم، المدى الذي وصلوا إليه في دعمهم لتنظيمي داعش والقاعدة وأمثالهما في التطرف والإجرام في سورية، خلال سنوات الحرب الإرهابية عليها، وهذا الأمر بطبيعة الحال يعرفه السوريون أكثر منهم ذاتهم، وسيبقى خالداً في ذاكرة الأجيال «ان إرهاباً أسود متعدد الجنسيات مر من هنا»، وذهبت كل أوهام داعميه ومموليه أدراج الرياح بفضل انتصارات الجيش العربي السوري.
ويختزل ما سقناه سالفاً، مشهد علاقة الولايات المتحدة الأميركية بنظام أردوغان في تركيا من جهة، ومن جهة أخرى يعري علاقة الطرفين بالتنظيمات الإرهابية المرتبطة بكل منهما، والتي كا زالت تنتشر في الشمال والشرق السوريين، تحت حماية علنية ومكشوفة من القوات الأميركية والتركية اللتين دخلتا الأراضي السورية بشكل غير شرعي، ومناف لقواعد القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة.
وما تم التراشق به من تصريحات بين المسؤولين الأميركيين والأتراك، خلال جولتي مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو الإقليميتين وقبلهما وبعدهما، لا يخرج عن إطار المسارعة باللعب بأوراق الإرهاب التي دفعوا بها إلى الساحة السورية من كل حدب وصوب، والتي راحت تحترق بين أيديهم قبل أن يحققا مآربهما التآمرية على وحدة سورية أرضاً وشعباً.
وإعادة تداول موضوع الانسحاب الأميركي من الأراضي السورية إعلامياً، وموضوع التنسيق المزمع بين واشنطن وأنقرة في هذا الموضوع، ليس إلا لذر الرماد في عيون من ارتبطوا بالمشروع الأميركي الأردوغاني، وهو لا يعني بالنسبة للسوريين شيئاً، لأن الثابت لديهم هو أن كل وجود أجنبي على الأراضي السورية غير قانوني وسيزول، وأن سورية ستبقى واحدة موحدة أرضاً وشعباً، ولو كره كل المتآمرون.
نافذة على حدث
راغب العطيه
التاريخ: الخميس 10-1-2019
رقم العدد : 16881