تسارع الولايات المتحدة لاحتواء فشل مخططاتها العدوانية، من دون النزول عن سرج الإرهاب الذي لا تزال تمتطيه في سياق محاولاتها العبثية لتحقيق ما كانت تصبو إليه، فتراوغ بقرار سحب قواتها المحتلة قبيل التسليم النهائي بواقع انتصار الدولة السورية وحلفائها في الميدان والسياسة، وتوفد مسؤوليها لمعاودة تجنيد أدواتها للحد من تداعيات هزيمة مشروعها في سورية، والمنطقة على وجه العموم.
وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو يواصل جولته الاستفزازية – التي كان مستشار الأمن القومي جون بولتون قد سبقه بها بزيارة إلى كل من النظام التركي والكيان الصهيوني- بهدف إعادة تجنيد الأدوات الأميركية في المنطقة، للتحشيد مجددا من أجل إنشاء تحالف استراتيجي على حد قول بومبيو لمواجهة ما سماها «التحديات في المنطقة»، متجاهلا أن التحدي الأساسي هو وجود القوات الأميركية المحتلة، ومواصلة دعمها للتنظيمات الإرهابية على مختلف أشكالها وتسمياتها، وإن كان ذاك التحشيد يستهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الشكل، إلا أنه لا يستثني كل دول محور المقاومة، وعلى رأسها سورية التي تنتظر إعلان نصرها النهائي على الإرهاب وداعميه في القريب العاجل.
فالأميركي وعلى لسان بومبيو أقر بأن قواته المحتلة لن تغادر المنطقة، ما يعني أنها ستواصل العمل على زعزعة أمنها واستقرارها، والدفع مجددا باتجاه عسكرة الأوضاع، والمؤتمر الذي يحشد إليه في بولندا الشهر القادم لن يكون ضد إيران فقط، وخاصة أنه يدعي بأنه سينسحب من سورية عسكريا، من دون التنفيذ العملي، ويوهم الآخرين بجدية قراره عبر الإيحاء بسحب بعض المعدات العسكرية فقط، ولكنه يحشد قوات «المارينز» في البحر تحت مسمى حماية قواته المحتلة المزمع سحبها؟!.
نظام أردوغان يواصل الاستثمار بالتركة الإرهابية التي سيخلفها الأميركي بحال الانسحاب، خاصة بعد أن نجح في تنفيذ السيناريو الأميركي القاضي بتعويم جبهة النصرة الإرهابية على كامل المنطقة المتفق عليها ضمن اتفاق سوتشي بشأن ادلب، تمهيدا للتنصل الكامل من الاتفاق، وفي وقت لاحق، الانقلاب على كل تفاهمات «آستنة»، والعمل على إعادة الأحداث إلى المربع الأول، لمحاولة إحياء « جنيف» لإنتاج تفاهمات جديدة تكون مفصلة على مقاس الأطماع الأميركية والغربية.
مجريات الأحداث على الأرض تشير إلى عملية التنسيق الوثيق بين أقطاب منظومة العدوان لإطالة أمد الأزمة في سورية، حيث يخفي الأميركي معالم استراتيجيته الجديدة المغلفة بقرار الانسحاب، والنفاق الجاري بهذا الشأن يثبت وجود نيات عدوانية مبيته، ولا سيما أن ترامب أقر في وقت سابق أن بإمكانه شن عدوان جديد على سورية وقت الحاجة، حتى وإن انسحبت قواته المحتلة، وأردوغان يحشد قواته على الحدود لمؤازرة إرهابيي النصرة في ادلب، والصهيوني يستمر في تنفيذ الأجندات العدوانية المشتركة بينه وبين الأميركي والتركي من جهة، وبين التنظيمات الإرهابية من جهة ثانية، ولكن النتيجة لن تكون في مصلحة رعاة الإرهاب في النهاية، وما أنجزه الجيش العربي السوري من انتصارات مدوية على مدار السنوات الثمانية الماضية، كفيل بأن ينهي أوهام أولئك الرعاة إلى غير رجعة.
كتب ناصر منذر
التاريخ: الاحد 13-1-2019
رقم العدد : 16883