شكلت فئتا النساء والطلاب القسم الأكبر من فاقد القوة العاملة بشكل عام إلا أن فئة ثالثة لا يمكن تجاهلها وهي فئة المحبطين التي بدأت بارتفاع نسبها في السنوات الماضية بسبب ضعف النشاط الإقتصادي في إحداث فرص عمل من جهة وعدم كفاية الدخول المتحصلة من العمل على تغطية نفقات المعيشة التي أثرت بظلالها الأزمة على أوسع نطاق والتي يعبر عنها التقارب الكبير بين معدلات الفقر العام،ومعدلات الفقر بين صفوف العاملين.
وفي ضوء، متطلبات الاستفادة من فرصة كل ما طرأ على انفتاح النافذة الديموغرافية ايجابا أو سلبا قبل الحرب على سورية أو بعدها ،فإن تخطيط سياسات القوة العاملة يجب أن تنصب على زيادة اندماج النساء والمحبطين في قوة العمل في إطار السعي لرفع معدلات الالتحاق بالتعليم الشرط الأساس في عملية التحسين النوعي لمواصفات قوة العمل والتي تطلبها زيادة انتاجية العامل كعنصر هام من عناصر الانتاج.
ففي الوقت الذي أخذت فيه القوة البشرية تنمو بمعدلا ت أعلى وأسرع نسبيا من معدل النمو السكاني في سنوات ما قبل الحرب فإنها مازالت تعاني من ارتفاع كبير في فاقدها حيث يتمثل جزؤه الأهم بالفاقد النسائي أو النسوي إن صحت تسميته،والذي يشكل نتاجا سلبيا لإخفاقات عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،ما يعكس حالة التهميش وعدم الإنصاف التي تتعرض لها المرأة والتي تشكل أحد أهم محاور التنمية الانسانية.
على اعتبار أن الفاقد النسوي يشكل أحد أهم محددات ومقيدات انفتاح النافذة الديمو غرافية التي تتطلب دمج السواد الأعظم من القوة البشرية في قوة العمل وفق التقرير الوطني الثاني لحالة السكان للعام ٢٠١٠ والذي قدم رؤية متكاملة لما يجب أن يحصل لغاية العام ٢٠٥٠ مما يتطلب تحفيزا ورفع معدلات المشاركة الاقتصادية المنقحة التي تتسم بتذبذب نموها بين عام وآخر.
مع الإشارة هنا إلى بروز ظاهرة تراجع المعدل الخام والنقد في السنوات الأخيرة على حد سواء للنشاط الاقتصادي للمرأة،لاسيما بروز ظاهرة عزوف النساء عن العمل وانسحابهن من سوق العمل نتيجة ضعف فرص العمل المناسبة بفعل الزواج والقيم الثقافية السائدة،حول دور المرأة ووظائفها الاجتماعية، وظروف الحرب القاهرة التي أطاحت بمعظم ما أنجز للمرأة ،إلى جانب ضعف السياسات التمكينية، وسياسات تحفيز خروج المرأة من المنزل إلى سوق العمل،وتغيير وظائفها المفروضة عليها بفعل بعض القيم والمفاهيم غير المرتبطة بقيم احترام المرأة ودورها الاجتماعي الذي مارسته الثقافة المجتمعية السائدة وغيرها عبر العصور. مما يؤثر ويسهم ذلك على مستوى العلاقة بين تمكين المرأة وبين الوصول الى موارد مستدامة لتحسين المستوى المعيشي للأسرة وتحسين فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتشير المعطيات أنه على الرغم من التحسن النسبي في برامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة،فإن القصور الواضح مازال يتجسد في انخفاض مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي .فعلى الرغم من أن النساء يشكلن مانسبته٤٩.٨%من عدد السكان وحوالي ٥٠% من القوة البشرية في سوريةعام٢٠٠٩،الا ان معدل النشاط الاقتصادي الخام للإناث انخفض من٩.٢%عام(٢٠٠٤)إلى(٧.٢%)عام٢٠٠٩.
لقد أثبتت كل التجارب والوقائع والظروف التي خاضت غمارها المرأة السورية أن غالبية النساء قادرات على فعل المستحيل وانجاز الكثير مما تتطلبه مفردات التنمية وعمليات البناء والاعمار فهن اليوم أكثر حاجة وضرورة للأخذ بأيديهن وإعطائهن المساحات الكافية للعمل بعد توفير مستلزماته وآلياته . وهذا ما تعمل عليه الحكومة من خلال الوزارات والمؤسسات المعنية توفير حزم التمكين الاقتصادية والاجتماعية والمشاريع الصغيرة على امتداد مساحة الوطن .
غصون سليمان
التاريخ: الأربعاء 16-1-2019
رقم العدد : 16886