بيدرسون والدور المطلوب

 

هل يستطيع المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون أن يكون مبعوثاً أممياً أكثر منه أمريكياً؟ لا شك أن السؤال لا يهدف إلى البحث عن إجابات بقدر ما يُرادُ منه القاء الضوء على مهام ومسؤوليات مبعوثي الأمم المتحدة إلى الأزمات في العالم والتي تركزت عبر العقود الماضية في دول الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
نستطيع أن نعدد معاً أسماء كثيرة لمبعوثين أممين تناوبوا على مهمات في مناطق توتر عديدة بدءاً بالقضية الفلسطينية ولبنان والعراق واليمن وسورية وليبيا وافغانستان والصحراء الغربية والسودان وصولا إلى عدد قليل جداً في أوروبا وأمريكا كقبرص وكوسوفو وهاييتي، ونستطيع ان نجزم أيضاً أن أياً من المهام تلك لم يكتب لها النجاح نتيجة تدخلات الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة في مساعي المبعوثين الأمميين وتقييد صلاحياتهم وسلطاتهم بما يخدم المصالح الخاصة لتلك الدول.
ليس بعيداً عن هذه الأجواء تناوب أربعة مبعوثين على مهمة المبعوث الأممي إلى سورية حتى الآن هم كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي وستافان دي ميستورا واليوم غير بيدرسون، ولا شك أن فشل المبعوثين الثلاثة في إحراز أي تقدم في العملية السياسية في سورية جاء بفعل التدخل الأمريكي ودعم واشنطن لأدواتها الارهابية، ومحاولتها فرض حلول تتنافى مع المصلحة الوطنية السورية ومع ميثاق الأمم المتحدة، ويمكن التأكيد أن كل التقدم الذي حصل في المسارين السياسي والميداني يعود فضله للجيش العربي السوري وللدور الإيجابي الذي قامت به روسيا عبر مساري آستنة وسوتشي بالتنسيق مع الدولة السورية.
فهل يستطيع بيدرسون، الذي بدأ مهامه بزيارة دمشق للاطلاع على رؤية الحكومة السورية ووجهة نظرها حسبما خرج من لقائه مع وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، أن يمحو تاريخاً من الفشل الملازم للمبعوثين الأممين؟ أو على الأقل أن ينجح حيث فشل أسلافه؟
لا شك أن المهمة صعبة ولكنها ممكنة في حال استطاع بيدرسون أن يمثل منظمة الأمم المتحدة وأن يلتزم ميثاقها ومبادئها التي تنص على احترام سيادة سورية ووحدة أرضها وشعبها، وأن يلعب دور المُيسّر للحوار السوري- السوري، وألاَّ يخضع لضغوط الولايات المتحدة التي اعتادت إثارة الصراعات في العالم وتأجيجها وعرقلة أية حلول لا تتناسب مع مصالحها.
الأزمة التي تتعرض لها سورية والإرهاب الذي يواجهه الشعب السوري وجيشه هو من صنع الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، لذلك فإن مساعدة سورية في تجاوز محنتها ودحر الإرهاب فيها يتطلب أولاً ارادة صادقة وحرصاً من منظمة الأمم المتحدة ومبعوثها على مصلحة السوريين ولا شيء آخر، ويتطلب ثانياً الاستقلالية وعدم الخضوع للإملاءات سواء جاءت من الإدارة الأمريكية أم من غيرها من الدول الأوروبية…بهذه المحددات فقط يمكن لبيدرسون أن ينجح في مساعيه وأن يكتب نجاحاً فشلت في كتابته منظمة الأمم المتحدة حتى اللحظة.
عبد الرحيم أحمد

 

التاريخ: الأربعاء 16-1-2019
رقم العدد : 16886

آخر الأخبار
صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق محافظ درعا يتفقد امتحانات المعهد الفندقي "الطوارئ والكوارث": أكثر من 1500 حريق و50 فريق إطفاء على خطوط المواجهة دول الخليج تتوحد في تقديم المساعدة والاستثمار في سوريا واشنطن تتحدث عن السلام.. هل يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بوقف اعتداءاته؟ سوريا تطلق إصلاحات السوق لجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز إعادة الإعمار نقابة المهندسين الأردنيين: إعمار سوريا استحقاق يتطلب تضافر الجهود عربياً ودولياً