خطة طوارئ فرنسية تحسباً للخروج من دون اتفاق.. «العمال» يرفض مناقشة «بريكست» مع ماي.. و«العموم» يبحث الخطة البديلة 29 الجاري
غموض يلف مستقبل بريطانيا السياسي ووضعها الاقتصادي في ضوء الخلافات الحادة والانقسامات بشأن «بريكست» وعدم وضوح كيفية الخروج من الاتحاد الأوروبي، في وقت تتزايد فيه الشكوك حول قدرة لندن على مواجهة تحديات الخروج أو حتى التراجع والبقاء فيه.
الأزمة يبدو أنها مستمرة خاصةً بعد رفض مجلس العموم البريطانى لخطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي بشأن بريكست، ونجاتها مرة أخرى من تصويت حجب الثقة أول من أمس، ما يعني أن ماي ستستمر في التواصل مع أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب لمحاولة إيجاد توافق حول كيفية المضي قدماً في سبيل خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
وبعد حصول حكومتها على ثقة مجلس العموم دعت ماي زعماء الأحزاب وقادة المعارضة لبحث سبل الخروج من المأزق الناجم عن رفض النواب المصادقة على الصفقة بين لندن وبروكسل حول شروط «بريكست».
إلا أن حزب العمال المعارض رفض بحث حل أزمة «بريكست» مع رئيسة الوزراء تيريزا ماي ما لم تتخل عن خيار يقضي بإمكانية خروج لندن من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق مع بروكسل.
وطالب زعيم الحزب جيريمي كوربين رئيسة الوزراء بالتخلي عن الخطوط الحمر التي وضعتها بشأن اتفاق «بريكست» في حال كانت ترغب بالتحاور مع المعارضة.
وكانت ماي اشترطت على المعارضة القبول بخروج بريطانيا من الاتحاد الجمركي الأوروبي، بينما يريد حزب العمال البقاء فيه، كما ترغب ماي أيضاً بوقف حرية تنقل المواطنين الأوروبيين.
ونقلت وكالة /أ ف ب/ عن كوربين قوله أمس في خطاب أمام ناشطين في مدينة هاستينغس جنوب شرق بريطانيا: على ماي التباحث بجدية حول طريقة التفكير بالمستقبل وعدم اللجوء إلى محاولة ابتزاز النواب للتصويت مرة جديدة على اتفاقها المتسرع.
ودعا كوربين ماي إلى استبعاد احتمال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
بدورها قالت وزيرة شؤون الدولة في مجلس العموم البريطاني أندريا ليدسوم: إن مجلس العموم سيناقش خطة بديلة لاتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي تفاوضت عليه ماي، وسيجرى تصويتاً عليه يوم الـ 29 من كانون الثاني الجاري في حال موافقة المجلس على ذلك.
من جهته أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب أن بلاده صاغت خطة طوارىء في حال خروج بريطانيا من دون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي .
ونقلت وكالة رويترز عن فيليب قوله لعدد من الوزراء أمس: إن الخطة تشمل استثمارات بقيمة 50 مليون يورو أي ما يعادل /75/ مليون دولار لدعم الموانئ والمطارات وخططاً لمساعدة الصيادين والشركات في قطاع الصيد الفرنسي الذي من المرجح أن يتضرر بقوة في حال خروج بريطانيا من دون اتفاق.
وأوضح فيليب أن الخطة تتضمن إجراءات تشريعية وأخرى قانونية تستهدف الحفاظ على حقوق مواطنينا وشركاتنا.
وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت بدء العمل بخطة طوارئ تحسباً لعدم موافقة البرلمان البريطاني على مسودة الاتفاق على الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث يبدأ تنفيذ 14 خطوة لضمان مصالح المواطنين والشركات الأوروبية.
وترى المفوضية الأوروبية أنه من الضروري والعاجل اعتماد هذه التدابير لضمان إمكانية تطبيق خطة الطوارئ في 30 آذار 2019 من أجل تقليل الأضرار.
إلى ذلك أفادت صحيفة «تايمز» البريطانية بأن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي يدرسون خططاً لتأجيل انسحاب بريطانيا من الاتحاد حتى عام 2020 على خلفية الأزمة السياسية في بريطانيا.
وحسب الصحيفة فإن الدبلوماسيين والمسؤولين يستعدون لتمديد الفترة المحددة لإتمام عملية الانسحاب بعد هزيمة ماي أمام البرلمان مؤخراً بشأن التصويت على بريكست إلى موعد ما بعد انتخابات البرلمان الأوروبي يوم 23 أيار، وأول جلسة للبرلمان الأوروبي الجديد يوم 2 تموز المقبل.
من جانب آخر كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة يوغوف ونشرت نتائجه أمس، عن احتمال أن يصوت البريطانيون لصالح البقاء داخل الاتحاد الأوروبي بفارق 12 نقطة مئوية في حال إجراء استفتاء آخر، وهي أعلى نسبة منذ استفتاء الخروج عام /2016/ .
وذكرت رويترز أن الاستطلاع الذي نشرت نتائجه حملة /بيبولز فوت/ التي تطالب بإجراء استفتاء آخر وجد أن 56 بالمئة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم يعتزمون التصويت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي مقابل 44 بالمئة سيصوتون لصالح الخروج منه مع استبعاد الممتنعين عن التصويت أو من لم يحسموا أمرهم.
وأظهر الاستطلاع أن نسبة التأييد لإجراء استفتاء آخر بلغت 78 بالمئة بين مؤيدي حزب العمال المعارض.
دول الاتحاد الأوروبي تتخذ إجراءات طارئة استعداداً لتداعيات خروج بريطانيا دون اتفاق
تقوم دول الاتحاد الاوروبي بإنفاق ملايين اليوروهات وتوظيف آلاف العمال وإصدار مراسيم طارئة للتعامل مع احتمال مغادرة بريطانيا التكتل الموحد في التاسع والعشرين من آذار المقبل دون اتفاق.
وذكرت اسوشييتد برس أن الحكومة الفرنسية تعتزم انفاق 50 مليون يورو أي ما يعادل 57 مليون دولار لتعزيز الامن في مطاراتها اضافة إلى توظيف المئات من موظفي الجمارك الاضافيين.
وتنوي السلطات الفرنسية توظيف نحو 600 موظف اضافي في الجمارك والتفتيش اضافة إلى القيام باستثمارات في البنية التحتية الجديدة للمطارات والموانئ حتى تكون جاهزة بحلول 30 آذار المقبل.
من جهتها تنوي الشركة المشغلة لنفق المانش بين فرنسا وبريطانيا اتخاذ اجراءات أمنية خاصة، مشيرة إلى ان ربع التجارة بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي يمر عبرها الامر الذي يمكن أن يكون نقطة خلاف رئيسية في اتفاق بريكست.
وفي برلين يناقش المشرّعون الألمان مشروع قانون يهدف إلى حل القضايا التي قد تنشأ عن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
وفي لشبونة قال رئيس الوزراء البرتغالي انطونيو كوستا: إن السياح البريطانيين الذين يصلون إلى مطارات في مدن فارو والغارف وفونشال سيتم تخصيص ممرات خاصة بهم.
وطمأنت سلطات رومانيا التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي نحو نصف مليون روماني يعيشون في بريطانيا بأنها لن تتركهم دون ان تقدم توضيحات بهذا الشأن.
وتعمل السلطات في جمهوريتي التشيك وسلوفاكيا على ايجاد تشريعات للتعامل مع حقوق البريطانيين، في حين ستسمح هولندا للبريطانيين الذين يعيشون فيها بالبقاء مدة 15 شهرا ومنحهم فرصة التقدم للحصول على اقامة.
وأصدر الاتحاد الاوروبي 88 اعلانا حول كيفية تعامل قطاعات معينة مع حالات الطوارئ المحتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
وتجري النقاشات في ألمانيا لحل المشكلات التي ستنجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي دون اتفاق، بينما تقوم حكومات كل من هولندا ورومانيا وجمهورية التشيك بإعداد قوانين خاصة بالمواطنين البريطانيين للعيش والعمل في بلدانهم في حال عدم تمتعهم بحقوق الاقامة في دول الاتحاد الاوروبي.
أما بريطانيا التي ستواجه القدر الاكبر من الاضطرابات فقد جهزت آلاف الموظفين الحكوميين ومليارات الدولارات لاتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من أسوأ تأثير يمكن أن ينجم عن تلك الخطوة.
وكان البرلمان البريطاني رفض بالأغلبية خطة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الاوروبي.
وكالات – الثورة :
التاريخ: الجمعة 18-1-2019
الرقم: 16888