ليست مستغربة البهلوانية الاستعراضية الأميركية التركية واللعب على حبال المراوغة، ولا حتى الاشتباك الكلامي السخيف والتهديد والوعيد في مسرحيات الخلاف الممجوجة التي عاف المتابع سماعها بين شريكي الإرهاب من كثرة التشدق الخبيث بها، للإيهام بأن علاقاتهما على صفيح من لهب، ولم يكن ضبابياً ما يسعى الانتهازي التركي لتكريسه في الشمال عبر إحراق أوراق فصائل إرهابه التي لطالما كانت رأس حربته العدوانية ورفع راية «نصرة» أطماعه مظهراً قبح نيتهما المستقبلية.
ورغم حلقات المبارزات الخلبية التي عقدها ترامب وأردوغان، والجلبة المصطنعة للإيهام بأن تصدعاً حاصلاً في مسارهما الإرهابي التوافقي واختلافاً بالاستراتيجية لكلا المنغمسين حتى أذني إرهابهما في سفك الدم السوري على مدى سني الحرب، كان جلياً أن ثمة خيوطا يتم شبكها بخبث بين واشنطن وأنقرة لتعقيد المشهد، وما رمي أردوغان فصائل الإرهاب شمالاً إلى محرقة الاقتتال وتعويم «النصرة» -التي لم تكن يوماً بكل طقوس إرهابها إلا رهن مشيئته العدوانية وطوع بنان أوامره- لنسف اتفاق سوتشي، إلا أول الخيوط التي حيكت لتوسيع رقعة المؤامرة وتفخيخ الحلول.
فما يفرزه المشهد الشرقي والشمالي السوري من معطيات تعكسها الأحداث هناك، يزيح الستار فاضحاً التواطؤ الاميركي التركي لجهة تسخين الجبهات بما يخدم أطماع الشريكين الإرهابيين، وما الحديث عن نية واشنطن إنشاء منطقة عازلة تحت مزاعم حماية ميليشيات الانفصال وضمان أمن تركي ، وما تبعها من تهليل تركي الا مؤامرة تقسيم عقيمة لن يكتب لها التجسيد الفعلي على الخريطة السورية.
الدولة السورية على ثقة مطلقة أن المؤامرات الغربية والإقليمية على وحدة جغرافيتها لم تنته بعد، وأنها في كل مرة ستغير لبوسها وتكتيكاتها، الا إنها رقصة شياطين الإرهاب الأخيرة في دائرة نار الشرق التي سيحرق لظاها استطالات أوهامهم.
فالميدان السوري وحده من سيقص كل خيوط المؤامرات وبنتائج انتصاراته فقط ستتداعى المشاريع الاستعمارية، وستحسم النهايات لمصلحة الدولة السورية، مهما زاد سعار التصعيد العدواني واللعب على حبال المخاتلة أميركياً وتركياً، ومهما تشابكت خيوط التآمر لتعقيد الحلول فالمقص السوري كفيل بها كما تمكن من غيرها على امتداد الجغرافيا السورية.
لميس عودة
التاريخ: الجمعة 18-1-2019
الرقم: 16888