بمقاعد خاوية ودون جمهور، تتواصل على خشبة الوهم والأحلام الموؤدة المسرحية الأميركية التركية المبتذلة بكل أحداثها وفصولها فيما حلفاؤهم وشركاؤهم وأدواتهم في الإرهاب لا يزالون ينتظرون على بوابات الزمن خارج حدود اللحظة وخلف جدران الحقيقة حيث باتوا جميعاً خارج سياق الزمن واللحظة التاريخية والاستثنائية، فقرار الانسحاب وتوقيته لم يعد بيد الولايات المتحدة، بل فرضته التحولات الميدانية والسياسية التي أطاحت بالمشروع الأميركي في سورية والمنطقة بعد تقطيع أوصاله وشرايين إمداده.
ضمن هذا السياق تتواصل لعبة الأدوار والمصالح بين واشنطن وأنقرة حيث يحاول كلا الطرفين رمي الكرة في شباك الآخر، فيما الواقع على الأرض يشي بأن الطرفين باتا في موقع المأزوم والضعيف والعاجز عن فعل أي شيء سوى تلك التصريحات المبتذلة التي تعقبها رسائل التطمين المتبادلة التي غالباً ما تأتي بعيد جولات خادعة وإيحائية من تراشق الاتهامات بين الطرفين في وقت تزداد فيه وتيرة الخلافات والصراعات بين التنظيمات الإرهابية المتواجدة في الشمال السوري والتي ترعاها وتحميها كل من الولايات المتحدة والنظام التركي.
النظام التركي استقبل خلال الأيام القليلة الماضية عددا من المسؤولين الأميركيين كجزء من محاولات فصل الأهداف والأدوار المتبادلة عن المصالح والمكاسب التي يسعى كل من الطرفين الى الحصول عليها قبل الآخر وهذا بدوره يندرج ضمن سباق الاستثمار في المساحات والهوامش التي خلفتها الهزائم المتكررة لمعسكر الإرهاب برمته، ومن هذه المسرحيات الخلاف الأميركي التركي على ما يسمى تنفيذ «خريطة طريق منبج» لجهة الآلية والجدول الزمني وكثير من التفاصيل التي مهدت للعرض الأميركي وهو إنشاء «منطقة آمنة» على الحدود السورية التركية.
وبحسب بعض المصادر الإعلامية فقد حاول السيناتور الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام الذي زار أنقرة أمس والتقى رئيس النظام التركي تبديد المخاوف التركية المزعومة فيما تبقى مسودة الاتفاق الأميركي التركي غير المعلنة حتى اللحظة طي الكتمان برغم التسريبات المتعمدة من قبل بعض وسائل الإعلام الأجنبية عن اتفاق الطرفين على مصير المنطقة بما يتناسب مع طموحات وأجندات الطرفين الاستعمارية.
وفي سياق المخاوف الدولية من سيطرة تنظيم (جبهة النصرة ) الإرهابي على بعض قرى أرياف في الشمال السوري بدعم تركي وأميركي واضح ومكشوف فقد أعرب وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف عن قلق بلاده من سيطرة جبهة النصرة الإرهابية على المنطقة المنزوعة السلاح في الشمال، بما يخالف الاتفاقيات الخاصة بإنشاء تلك المنطقة، مضيفاً أن (تنظيم النصرة الإرهابي يحاول مهاجمة مواقع الجيش العربي السوري ما يهدد القاعدة الروسية العسكرية في حميميم)، وأكد لافروف في حديث صحفي مشترك مع نظيره الألماني هايكو ماس، أنه من المستحيل الإبقاء على آخر معقل للإرهاب في سورية.
وفي ذات السياق أكد مسؤولون أميركيون أنه لا يوجد أي تراجع بخصوص قرار الرئيس ترامب الخاص ببدء سحب الجنود الأميركيين من سورية، وهذا يأتي في وقت تواصل روسيا في التشكيك بنيات الانسحاب الأميركي من سورية، حيث قال لافروف أمس الأول إن طرح «المنطقة الآمنة» يجب أن ينظر إليه، وإلى عدة أشياء أخرى، من منظور يفترض ضمناً الحاجة إلى إعادة السيطرة في أقرب وقت ممكن إلى الدولة السورية.
فؤاد الوادي
التاريخ: الأحد 20-1-2019
الرقم: 16889