من الفشل الذي انتهى إليه العدوان الإسرائيلي الأخير (نهار الأحد، فجر الاثنين الماضيين). ومن معطيات الأزمة المُتفجرة منذ أعلنت واشنطن عن سحب قواتها الغازية من سورية. ومن المُقاطعة الواسعة المُعلنة لمؤتمر وارسو التحريضي الذي دعت له الولايات المتحدة، يُمكن تلمس مسارات التصعيد التي يَختطها مركز قيادة العدوان ضد سورية وحلفائها في محور المقاومة.
بمُقابل تَلمس مسارات منظومة العدوان التصعيدية، يُمكن القبض على النتائج الأولية التي لا تُؤشر إلا إلى حجم الخيبة القادمة التي ستَضرب بالصميم الرؤوس الحامية التي قد تَدفعها لارتكاب حماقات كُبرى لن تُنتج لها في أحسن الحالات سوى الغرق مُجدداً في مُستنقعات الوهم، ذلك أنّ كل تقديراتها عن الخصم وقوته خاطئة، وذلك أنّ جميع حساباتها تتعارض مع الواقع، بل تتناقض معه، وقد أثبتت التطورات ذلك لمن يُجيد القراءة والاستنتاج!.
رئيس أركان جيش الاحتلال الصهيوني الجديد قد يكون بدأ سلسلة اجتماعات ماراتونية مع جنرالاته لتحليل ما جرى – الأحد، فجر الاثنين – ربما لإسماع نتنياهو ما لا يتمنى سماعه، وربما لمُلاقاة الحكومة بعرض يُلامس الواقع ويُجبرها على خفض السقوف التي تَعتليها، وربما ليَضع مُخططاً يَحمله إلى البنتاغون بطلب العون والمساعدة.
دونالد ترامب الذي يَضرب خبط عشواء في أزمة الإغلاق الحكومي، وبسلسلة الأزمات التي افتتحها وقَطعَ أشواطاً فيها بكل الاتجاهات، ربما استمع باهتمام لكل من بومبيو وبولتون بعد عودتهما من المنطقة، غير أن السعادة التي غمرته للحظة كنتيجة لما تمّ عَرضه من تَصورات، لا بد أن تكون قد بَددتها مُؤشرات أخرى تَرده من الاستخبارات وقيادات عسكرية في التنف والعراق، فضلاً عن الأخبار التي تَرده من وارسو، وموسكو، وطهران، وكاراكاس!.
سيَجتمع الأعراب والصهاينة في قاعة واحدة بالعاصمة البولندية، يَجمعهم هدف واحد، نعم سيَحصل ذلك، لكن هل هي المرة الأولى؟ لا، ولن تكون الأخيرة، لكن ما الجدوى؟ وما حجم الذي سيَتحقق مما يَتأمله البيت الأبيض وحكومة نتنياهو؟ وهل من مَعنىً تَعتمله المُقاطعة الواسعة لمؤتمر وارسو سوى أنها تَستكمل الخطوات الدولية المُتعددة باتجاه إسقاط تداعيات انقلاب واشنطن على الاتفاق النووي مع طهران؟!.
لماذا يُسجل ترامب غياباً عن مُنتدى دافوس؟ فقط لأنه مُنشغل بمُهاجمة نانسي بيلوسي الديمقراطية، المُتطرفة كما وصفها، أم لأنّ الصدمات المُتلاحقة التي يتلقاها تُعطل تَفكيره؟ بَدءاً من أخبار فشل المُحاولة الانقلابية في فنزويلا، مروراً بالأخبار السيئة التي تَرده من زلماي خليل زاده، وليس انتهاء بردود موسكو الحازمة حول عدد من القضايا لا تبدو الصاروخية أهمها؟!.
في سورية سقطَ المشروع الصهيو – أميركي الأكبر، وعليه يَترتب الكثير، إقليمياً، دولياً، وبمُستوى عالمي، ما لم تُقر واشنطن، وما لم تَتواضع وتَتعرف إلى حجمها الجديد وتَتصالح معه، فإنّ كل مُحاولات البَلطجة والقفز على الواقع لن تُنتج لها ولمُعسكر أدواتها سوى المزيد من الفشل والهزائم في كل الملفات المَطروحة، النتائجُ شاخصة!.
كتب علي نصر الله:
التاريخ: الأربعاء 23-1-2019
رقم العدد : 16892