من الواقع وما يجود به تستمد الأعمال الدرامية في غالبيتها مادتها الأساس، في محاولة لرصد مايدور بالمجتمع من أحداث والاهتمام ماأمكن بتسليط الضوء على الظواهر الإيجابية والسلبية وإيجاد الحلول لبعض مايتفشى في المجتمع من مظاهر وثقافات تتسرب إلى المجتمع وتعيث فيه الفساد في محاولة جادة للحد منها، ونشر قيم الخير والحب والتسامح بديلا لها.
ونظرا للترابط بين الدراما والحياة، كان برنامج «حياتنا دراما» لرصد البعد الواقعي للدراما التلفزيونية والغوص في العديد من القضايا الإنسانية ووضعها على طاولة البحث والحل..
والبرنامج الذي تعده أمينة العطوة وتخرجه هيام ابراهيم، وبمساعدة إعداد هبة العطوة وجمانة العبدالله، هو برنامج تلفزيوني يعرض على قناة سورية دراما يحاول أن يرصد الدراما السورية وما طرحته من قضايا إنسانية، اجتماعية، والطريقة التي تناولت فيها الدراما التلفزيونية هذه القضايا وهل كانت مجدية وشكلت قيمة مضافة للعمل، أم لم تتجاوز حدود العرض، وكيف السبيل إلى إيجاد دراما فاعلة وذلك عن طريق استضافة بعض الضيوف من المعنيين بالشأن الاجتماعي والثقافي والإنساني للوقوف عند أفضل السبل وأنجعها لمعالجة قضايا المجتمع وطرح هموم المواطن وملامسة أوجاعه التي باتت تؤرقه في زحمة الكثير من المعاناة التي تدخل ضمن إطار «الاحتياجات الأساسية، وضيق ذات اليد، وفقدان فرص العمل..» هذا إلى جانب ظهور العديد من السلوكات الدخيلة على مجتمعاتنا».
وتتعدد العناوين التي يطرحها البرنامج ويستعين في ذلك بشواهد من الدراما وكيف تناولتها، ومن هذه العناوين «هجرة الشباب إلى بلاد اللجوء، الإعاقة، التسول وتبعاته، ثقافة الانجاب، دور المرأة العاملة، المجتمع الأهلي وماقدمه خلال الحرب على سورية…» والقائمة تطول..
والمتابع لهذا البرنامج لابد سيلحظ أن الدراما ليست دائما على قدر من الجدية في طرح قضايا المجتمع، وربما تبتعد أحيانا عن تصوير الواقع بل وتبالغ في تكريس بعض السلوكات التي لاتمت للواقع بصلة، من مثل» الخيانات الزوجية، التربية غير المبنية على القيم تحت مسمى الحرية الشخصية، الاغتصاب، غياب الضوابط والقيم الأخلاقية في العلاقات الإنسانية، ويضاف إلى ذلك تشويه لبعض الحقائق بغية تحقيق رغبة المنتج في التسويق من مثل مسلسل «باب الحارة».
ومن هنا جاءت أهمية برنامج «حياتنا دراما» في التقاط الهنات التي تقع فيها الدراما وتسليط الضوء على الأعمال الهامة التي تركت بصمتها على الساحة الدرامية وعلى المواطن بشكل عام وشكلت قيمة مضافة في تكريسها للكثير من المعايير الإيجابية التي تساهم في وعي المواطن وانتمائه والعمل على نهضة الوطن وبنائه.
ولايختلف اثنان أن الحرب أرخت بظلالها السوداء على المجتمع من فقدان أهم الاحتياجات الأساسية للإنسان.. السكن، المعيل، العمل، والكثير من متطلبات الحياة اليومية التي تحفظ للإنسان كرامته، هذا إلى جانب فقدان الكثير من القيم الإنسانية التي كانت تجمع بين الناس، ماأدى إلى الإحساس بالضياع والتشتت، وهذا بدوره يتطلب حلولا ناجعة ليس فقط على صعيد الأعمال الدرامية والبرامج الحوارية، بل يجب أن تلقى أصداؤها أذنا صاغية عند أصحاب الشأن في تقديم الحلول الناجعة للمواطن لحفظ كرامته التي باتت تهدر على أبواب البحث عما يسد رمقه في وطن لم نعهده إلا حافظا للكرامات، وبذلت من أجل ذلك الأرواح والدماء، ولاشك الإرادة والعزيمة الصادقة تصنع المعجزات.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الجمعة 25-1-2019
الرقم: 16894