كاراكاس تتصدى لسهام البلطجة الأميركية.. سيناريوهات أميركا التدخلية.. انتهاك صارخ للأعراف الدبلوماسية والاتفاقات الدولية
هو اللهاث الأميركي المحموم إلى أحكام السيطرة على بلدان العالم، عبر جملة مخالفات سياسية وعسكرية صريحة تنتهجها الولايات المتحدة تمس سيادة الدول، وتنتهك أبسط الأعراف الدبلوماسية المتفق عليها دولياً.
فأميركا لطالما ربطت حروبها العسكرية بمجموعة من الأهداف السياسية لضمان حماية مصالحها الحيوية، والتي كان أبرزها العمل على كذبة «زرع الديمقراطية» حول العالم، وبالتالي انتاج صيغ جديدة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول بشكل سافر كمقدمة لتطبيق تلك الاجندات الخبيثة.
ومن هنا فإن سياستها عبر التاريخ كانت ولا تزال تأتي من قلب كل الموازين لترجيح كفتها وتثبيت رؤيتها وفرضها على خصومها في الخارج.. فمن جبل الجليد الطافي فوق بحر أزمات العلاقات المتوترة تاريخيا بين أميركا وفنزويلا، تظهر صورة التدخل الاميركي الاخير بأبشع حلله بعد أن استكملت سياستها العدوانية والتحريضية ضد الشعب الفنزويلي والرئيس الشرعي لفنزويلا نيكولاس مادورو، لترفع رصيد فجورها في هذا الاطار نحو أعلى قمة الوقاحة.
فاينما ولت امريكا وجه ارهابها واطماعها فثمة اصابع اسرائيلية تتحكم بكونترول توجهها ليكون عبثاً وخراباً حاصلاً وفقا للمشيئة الصهيونية باستهداف كل من يناصب الكيان الصهيوني العداء ويناصر قضايا الحق العربية فالولايات المتحدة الاميركية تفتقد أي موقف أخلاقي او قانوني يسمح لها أن تملي على الدول الأخرى أو تجبرها على ما يجب فعله، فعلى أي أساس يمكن لدولةٌ تاريخها القريب والبعيد حافل بالجرائم ضد الانسانية؟ وكيف يمكن لأي شخص أن يعتقد أن ذرائع الديمقراطية الواهية التي تتبجح بها هي السبب الحقيقي الكامن وراء الإجراءات الأمريكية تجاه فنزويلا في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بدعم انظمة ديكتاتورية مثل السعودية ذات السجلات المروعة في انتهاك حقوق الإنسان؟ وهل من الممكن لأي شخص أن يعتقد أن إدارة ترامب تهتم حقًا بمصالح مواطني فنزويلا أم هي البلطجة الأميركية المعهودة والأطماع في النفط الفنزويلي بيت داء فجور تدخلاتها السافرة في شؤون الدول ذات السيادة.
فلم تمض دقائق على اعلان رئيس البرلمان خوان غوايدو التابع للمعسكر الأميركي نفسه رئيساً بالوكالة لفنزويلا حتى سارعت واشنطن الى الاعتراف به، ورفضت قرار الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قطع العلاقات الدبلوماسية معها.
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون التابع الملتزم لسياسات ترامب سارع هو الآخر لتنفيذ المهمة الموكلة اليه عبر تأكيد مزاعم ما سماه دعم أوروبا لـ»إعادة الديموقراطية» في فنزويلا.. في حين كانت الامم المتحدة القابعة تحت قبضة اميركا العنوان الآخر لسلب حقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
تلك الحالة ليست استثنائية فهي غيض من فيض الاعمال التدخلية الاميركية في الشأن الفنزويلي، فلطالما حرضت واشنطن ضد الحكومات الشرعية في هذا البلد ودعمت الانقلابات العسكرية وسهلت دخول اشكال الفوضى إليها، إضافة الى محاولات فرض مزيد من العزلة الاقتصادية على فنزويلا، عبر العقوبات الاقتصادية وغيرها، وما اشاعته واشنطن بشان غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي في فنزويلا، يقدم تسهيلات إضافية للفوضى.
وتشكل العقوبات والممارسات الأميركية السبب الرئيسي في الأزمة التي تشهدها فنزويلا، والتي أدت إلى ارتفاع نسب التضخم، ونقص المواد الغذائية، وهجرة العديد من المواطنين.
كما أن النفط أصبح يمثل متغيرا مهما في معادلة العلاقات الاميركيه-الفنزويلية ومع تفاقم المشكلة الاقتصادية والاجتماعية في فنزويلا وتفجر الازمات السياسية المتتابعه داخلها بسبب المعوقات الاميركية والاطماع، بدا الاميركيون يطرحون فكرة مستهلكة عبر ما يسمونه خطوره الاوضاع وما يمكن أن تمثله من تهديد لأمن واشنطن النفطي لذلك ادرجت وكالة الاستخبارات المركزية « سي آي ايه» فنزويلا ضمن ما تسميه البؤر المهمة على خريطة نشاطاتها، فاذا بها تحيك من المؤامرات وتدبر من الترتيبات والإجراءات والأزمات المفتعله ما يجعل الاوضاع الداخلية في هذا البلد تسير باتجاه المصالح النفطيه الاميركية.
ومن أسبابها الخلاف حول سياسة فنزويلا النفطية كدولة مصدرة التي لا تتوافق مع تلك التي تسير عليها الولايات المتحدة كدولة مستوردة، وبالتالي، فربما ما ظهر من اتهامات بين البلدين، هو مستصغر الشرر الذي ينذر بانفجار على نطاق أوسع يشمل إجراءات استثنائية ليست بعيدة عنها تدخلات أميركية مباشرة في الشؤون الفنزولية.
إذاً رائحة النفط تنبعث من صفحة ملف الأزمة في العلاقات بين البلدين، وتشرح خلفية الاطماع الاميركية.
وفي زمن الرئيس الراحل هوغو تشافيز المعروف بعدائه لأميركا وسياساتها الشيطانية كانت أميركا تسير على ذات الطريق بحيث عمدت الى اتباع اساليب التدخل السافر في البلاد، ما شكل على مر سنوات طويلة قطيعة كلية بين الدولتين، ولطالما رفضت كاركاس الخضوع للأطماع الأميركية في أميركا الجنوبية.
رصد وتحليل- الثورة:
التاريخ: الجمعة 25-1-2019
الرقم: 16894