كلنا يتذكر كيف شغلت مكاتب التشغيل قبل سنوات عديدة مساحة الرأي العام في سورية حيث اعتبرها الغالبية لاسيما خريجوا الجامعات والمعاهد والشباب بشكل عام نافذة الخلاص والهروب من ناصية البطالة ..أرتال من البشر على مد النظر كانت تنتظر لساعات لتحظى بدور وتسجيل رقم.
كابد السوريون هذه المشقة بكل تفاصيلها ،ولأن البحث عن فرصة عمل هي من أهم أحلام الحياة حاول الكثير من المتقدمين ومن كل الفئات ،أن يسجلوا أسماءهم في أكثر من محافظة. والنتيجة طول انتظار لتعيين من يجب تعيينه في المؤسسات والوزارات لكن بأعداد قليلة مع تدخل الواسطة والمحسوبيات وفوضى التوظيف هنا وهناك.
ربما كانت الفائدة الأكثر ايجابية من مكاتب التشغيل وقت ذاك هو إحصاء عدد طالبي العمل من كل الاختصاصات ومن جميع الفئات.
وانطلاقا من أهمية تطوير آلية عمل هذه المكاتب وضعت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خطة تطوير بما يلائم الظروف الحالية على اعتبار مكاتب التشغيل هي مكاتب يتم من خلالها تدفق القوى العاملة لسوق العمل،بمعنى ألا يكون وحدة ترشيح مركزية كما كان سابقا ،فالرؤية التطويرية للمكاتب هي تخص سوق العمل بكل قطاعاته العامة والخاصة وفق ما أشارت إليه ريمة قادري وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل حيث يجري العمل على ربط مدخلات مكاتب التشغيل مع مرصد سوق العمل،ففي العام الفائت وبعد فترة انقطاع لدى الوزارة ،أجرى المعنيون مسحا لسوق العمل بعدما حصلت الوزارة على نتائج المسح وتم وضعها حيز التحليل من خلال فريق مختص.وجد أنه لدى الوزارة القدرة على إغناء هذه المعلومات عبر جميع المعلومات الموجودة في مكاتب التشغيل،إلى جانب معلومات موجودة عن التأمينات الاجتماعية كي تستطيع أن تجعل تقرير نتائج المسح أكثر غنى وفائدة.
أما الواقع العملي فيشير أن مكاتب التشغيل بالنسبة للوزارة لا تعني فقط انك تحصل على وثيقة انك مسجل في مكتب التشغيل وإنما تحصل بذات الوقت على معلومات عبر معرفة من لديه رغبة، من ناحية كم هي مساحة التدفق لفرص العمل، ومن خلال كل هذه التفاصيل يمكن لاحقا الوصول عبر المخرجات إلى القدرة على التنبؤات أي تنبؤات ومؤشرات سوق العمل في سورية ،وخاصة ضرورة ربط احتياجات التعليم مع احتياجات سوق العمل وفق مخرجات التعليم ،وبالتالي فإن الرؤيا مرتبطة بكيفية الاستفادة من خلال المدخلات والبيانات ،حسب تعبير وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل التي لفتت أن الوزارة تتابع سوق العمل ومرصد العمل والتدخلات التي تراها مناسبة على صعيد مستوى الحزم، سواء برامج التدريب المنتهية بالتشغيل،حزمة دعم الخريجين الجدد، تنمية الريف السوري.مع الاشارة لوجود حزم قادمة وضعت ضمن الخطة العملية لهذا العام بانتظار استكمال صدورها.
إن تأمين فرص العمل التي تناسب الكفاءات وحاجات المؤسسات على اختلاف تسمياتها تحتاج تضافر جميع الجهات ذات العلاقة مع تعميق شعار ربط الجامعة بالمجتمع وترجمته بشكل صحيح على أرض الواقع .
غصون سليمان
التاريخ: الجمعة 25-1-2019
الرقم: 16894