خطت الدولة خطوة جريئة كسّرت من خلالها الطابوهات، وحواجز التردد التي حاول البعض التلطي خلفها، وإغماض الأعين عن حقائق الأشياء التي لم تكن يومياً بخافية عن الرقم الذهبي (المواطن) في معادلة الحرب التي تتعرض البلاد والعباد منذ أكثر من سبع سنوات، ذاق خلالها علقم الإرهاب وحنظل العقوبات والحصار الجائر.
الدولة التي قرأت أدق تفاصيل المشهد الجديد من مسلسل العقوبات الاقتصادية الجائرة والظالمة، من زاويته الحقيقية، واستطاعت من خلالها أن تزيح غمامة الفيسبوكيين القاتمة، وأن تعيد كل من حاول من المسؤولين السير في غير هذا المسلك أو الاتجاه للسباحة مع التيار لا عكسه، من خلال كشفها وفضحها لكل أوراق القراصنة الأمريكيين الذي أطلوا برأسهم القبيح من نافذة العقوبات الاقتصادية ليؤكدوا من جديد أن سياستهم العدائية الشيطانية ما زالت مستمرة وليس آخرها حليب الأطفال والمشتقات النفطية والسلع الغذائية والمواد الأساسية التي سجلت وانعكست هبوطاً حاداً على مؤشر الخدمات العامة.
وعلى المقلب الآخر أصرَّ البعض من مسؤولينا (وبدون أي مبرر أو مسوغ) على حجب المعلومات وتغييب الأحداث في محاولة منهم لصرف نظر المواطن عما يجري في كواليس الإحداث، في حين قام البعض وبدون أي تردد في إعطاء معلومات شابها التسرع في الحكم، وكأنهم يتقاذفون كرة لهب لا يريد أي منهم لمسها، فكانت النتيجة أن العنوان الأبرز لما حدث، هو تهرب البعض لا الكل من واجباته ومسؤولياته، والبحث على ما يبدو عن كبش فداء.
ربما كانت التصريحات المتعددة تجاه ما جرى تندرج تحت بند حرص بعض الوزارات على منح المواطنين انطباعاً بأنها تواكب الحدث، وكلها عزم على اتخاذ إجراءات وحلول إسعافية تخفف ما أمكن من الأزمات التي يعيشها المواطن المتمسك حتى النخاع بسوريته القوية المنتصرة.
لكن البعض أوقع نفسه في مطب كان بإمكانه أن يكون أكثر ذكاء في التعامل معه، وتجاوزه دون الوقوع في شرك فوضى المعلومات التي اقتحمت أسوار مواقع التواصل الاجتماعي، فالمواطن العربي السوري العاطفي والطيب والمقاوم الذي شرب بحر سبع سنوات من الحرب القاسية والمؤلمة والظالمة لن يغص في كوب أشهر قليلة قادمة من الإرهاب، فإرادة الحياة عند السوريين أقوى من الإرهاب والعقوبات والحصار.
عامر ياغي
التاريخ: الأثنين 28-1-2019
رقم العدد : 16895