قد لا ينام (السلطان أردوغان) إلا على حكايتين في الشمال السوري هذه الأيام.. فشهرزاده السياسية تراقص التوقيت الانتخابي للإخوان في تركيا ما بين صياح (الديك) في البيت الأبيض للانسحاب من سورية.
وبين العزف الدبلوماسي الروسي لسنفونية حسم المعركة في إدلب.. هاجس أردوغان مثقل باستنساخ خرائط منبج على شمال شرق سورية… ثمة من همس له في أذنيه (الناتويتين) أنه نجم الاجتماع الوزاري المقبل لدول التحالف ما بعد قرار ترامب الخروج من سورية.
(السلطان) يخطط لفرد بساطه الإرهابي على منطقة (أمنية) وليست آمنه كالمعتاد شمال سورية… – قاموسه قادر على التلاعب بالألفاظ حد تفصيل اتفاق أضنة على قياسه – !! لم تزعجه كثيراً المشاورات المكتومة الصوت إعلامياً مع موسكو حول تلكؤه بتنفيذ اتفاق سوتشي…
لن يُغضِب أردوغان نظيره الروسي ولن يرضيه حتى إشعار آخر… يريد المساحة الآمنة له بالانتخابات الداخلية ولن يجدها إلا في المناطق الأمنية مع واشنطن شمال سورية…
صوت ترامب الذي هدد بزعزعة اقتصاد تركيا يرعبه أكثر من لهجة الاحتواء الروسية…
الذهاب إلى ما يريده التحالف الدولي في اجتماعه هذا الأسبوع وحتى نيسان الانتخابي أولوية لأنقرة لكن من دون خسارة أوراق سوتشي مع موسكو… سيقول السلطان العثماني في هذه الجولة لترامب… أمرك مولاي… وسيفتح باب الدور للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في سورية مع انحناءة ترافقها ابتسامة صفراوية للأكراد…
أردوغان لم يبتسم بل أنيابه تضغط على الوقت… فهل تنتظره موسكو ؟؟ حتماً لن تمهله دمشق… الظروف الدولية لن تمهل أنقرة مزيداً من الرقص على الحبال.. فخروج واشنطن من معاهدة الصواريخ يجعل المواجهة اكثر سخونة في إدلب..
الحشود العسكرية السورية على التخوم وكل المساعي التركية والغربية لتغيير الواقع الديمغرافي والاصطفافات وزرع العناصر الاستخباراتية البديلة عن جنود أميركا لم تنضج، فاللعبة أكثر قذارة مما كانت عليه…
في مماطلة الخروج الأميركي مسرحيات تبدو فيها قطر أكثر بهلوانية وهي تعيد تركيب مشهد الخوذ البيضاء على الرؤوس الحامية هناك… مليونا دولار من الجيب القطري لدعم تعويذة كيماوية مجدداً… يتوضح المشهد أكثر… للدوحة دور قاطع الطرق (الكيماوي) لإيقاف المعركة في إدلب وحيث يوجد كل نوع من الارهاب في الميدان السوري…
في طريق خروج ترامب من سورية خطورة توازي حضوره، فحماقة تصفية الحسابات بين دول التحالف والتنازع على تركته غير الشرعية توازي في صراعها وأدوار المنخرطين فيها معركة إدلب بحد ذاتها… التفاهمات والتنافرات تهز المشهد، باريس ولندن لا تثقان بترامب، وأردوغان يخافه… لذلك لم يخرجوا معه من الملف السوري ولم ينخرطوا بعد في المواجهة ضد إيران.. من في جيبه حتى الآن مجرد دمى خليجية.. لكنه يمسك برقاب الحلفاء… حتى إسرائيل ترتعش من لسعة خروجه من التنف رغم استرضائها بحزمة من العقوبات على سورية وإيران… الدولة العميقة تصرخ في وجه ترامب كفى… الضرب من تحت الحزام الاقتصادي لإيران سيفسح المجال أوسع للإسعافات الدبلوماسية والسياسية الروسية في الشرق الأوسط… يرد ترامب في وجه استخباراته أن اذهبوا مجدداً إلى المدرسة لتتعلموا.. فأنا أراقب الشرق الأوسط من القواعد العسكرية في العراق.
في تأملات ترامب ما يرعب الحلفاء أكثر فالخصوم اختبروه من كوريا الشمالية حتى إدلب… رأس المال الإمبريالي جبان لدرجة المصالحة مع طالبان!!! كرة اللعب تبدو تائهة بين أقدام دول التحالف في تقاطعات ركلها… لكن هذا الوقت الضائع يبدو ملائماً لموسكو ودمشق لتصويب المشهد العسكري في إدلب… أما الحديث الهادئ عن اللجنة الدستورية في ظل صخب ما يجري فيسلط الضوء على نضوج جديد للحل السياسي..
كتبت عزة شتيوي:
التاريخ: الأثنين 4-2-2019
رقم العدد : 16901