الاختبارُ الأول للمبعوث الأممي غير بيدرسون ربما يكون المؤتمر الذي أعلنت عن عقده في بروكسل فيدريكا موغريني، ذلك أن العناوين التي سيتناولها مُفخخة وتُحاكي أوهام معسكر العدوان بشكل مباشر، وهو ما ينبغي للأمم المتحدة أن تُعبر عن موقف مُستقل منه ومن عناوينه إذا كانت تريد الاستفادة من دروس السنوات الماضية.
الفشلُ الذي لاحق مهمة المبعوثين السابقين، سببه المباشر هو أن الأمم المتحدة من خلال مبعوثيها كانت جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من الحل، وأن مبعوثيها السابقين، وخصوصاً ستيفان دي ميستورا، كانوا طرفاً وكثيراً ما مَثّلت مواقفهم الناتئة جوهر المشكلة إذ كانت تُعبر عن مواقف دول العدوان لا عن مواقف جهة دولية أممية يُفترض أنها تبحث عن الحل وتقف على الحياد الإيجابي، بمعنى الانحياز للقوانين والمبادئ الدولية، لا إلى أجندات حلف العدوان كما حصل على الدوام خلال السنوات الماضية.
إن مُجرد إشارة موغريني إلى عنوان المساعدات الإنسانية يُوحي بأن ثمة جولة استثمار وتسييس ستنطلق لاستهداف سورية مُجدداً من مؤتمر بروكسل بناء على وهم قديم مُتجدد من أن حلف العدوان سيُجرب مرة أخرى وضع قيود إضافية تُضاف إلى سلسلة العقوبات الجائرة والإجراءات أُحادية الجانب المُوجهة ضد الشعب السوري، ذلك في محاولة يائسة للابتزاز!.
وإن مُجرد طرح موغريني عناوين أخرى للمؤتمر، ليس آخرها التحدث عن وهم ما يُسمى بالتحول السياسي في سورية، يؤكد بدوره أن دول حلف العدوان ما زالت على مواقفها التافهة، ولم تتعلم من فشلها، ولم تتعظ من تحطم مشروعها العدواني، ولا من احتمالات ارتداد تداعيات الهزيمة على الغرب الذي كثيراً ما اشتكى من ارتداد الإرهاب الذي صنّعه وموّله على بلدانه التي شهدت في أوقات سابقة أعمالاً إرهابية جبانة ومُدانة.
الواضحُ أن الغرب المُلتحق بالولايات المتحدة على نحو أعمى سيبقى على تورطه وانخراطه بمُخططات واشنطن البديلة التي تَطرحها في هذه الأثناء من بوابات أخرى قد تكون الحرب الاقتصادية المُعلنة بدايتها، ليَجري تَسخير مُؤتمر بروكسل في هذا الإطار، وليَكون الداعم لمشاريع القوانين الأميركية التي تُعد بهذا الاتجاه.
لا نَستبعد مطلقاً أن تَفتتح واشنطن والغرب وبقية الأدوات الرخيصة معركة جديدة لاستهداف وطننا وشعبنا الصامد، مباشرة بعد انتهاء مؤتمر بروكسل 12 – 14 آذار القادم، فالمُؤشرات تكاد تؤكد وُجهة معسكر العدوان، لكن بالمُقابل نَستطيع أن نؤكد يَقيننا بأن الهجمة الجديدة، المعركة القادمة، المواجهة من بوابة الاقتصاد، لن يكون مصيرها سوى الفشل والخذلان، ولن تَنتهي إلا إلى نتائج تُساوي الصفر.
ما عجزَ عن تحقيقه الأعداء بمُعسكرهم المُتطاول المُمتد، بالحرب والعدوان، بالإرهاب والترهيب، لن يتمكنوا من تَحقيقه بالسياسة ومُحاولات التضييق التي لا تُوفر حتى لقمة العيش وحبة الدواء، فسورية التي تَحملت وصَمدت، قاومَت وانتصرت، لديها من عناصر القوة ما يُؤهلها للنجاح في تَخطي المرحلة الأخيرة من الحرب، قبل أن تُعلن انتصارها النهائي، نجح بيدرسون في الاختبار الأول أم سقط؟!.
علي نصر الله
التاريخ: الأثنين 4-2-2019
رقم العدد : 16901